عدت بالأمس إلى اليمن بعد أن تعرضت لمضايقات في مصر، بسبب كتاباتي الناقدة للسعودية والإمارات.. في الأيام الأخيرة تلقيت اتصالات من جهات مصرية توجتها باستدعاء من قبل جهات أمنية، حيث جاء إلى شقتي في شارع فيصل بالقاهرة بتأريخ 14 / 5 / 2019م ضابط و3 من مرافقيه وأخذوني برفقتهم إلى جهة أمنية وطلبوا مني كتابة تعهد، بعدم انتقاد الإمارات والسعودية، وأبدوا استغرابهم حول اهتمامي بالشأن الإيراني ووجدت لديهم نسخ مصورة لمقالاتي في "رأي اليوم" اللندنية وفي "السبيل الأردنية".. وأفهموني أنهم لا يريدون أن تكون مصر مصدر أي نشاط إعلامي معادٍ للأشقاء في الخليج وحاولت التوضيح لهم، أنني انتقد برقي وأكتب بمسؤولية وأن اهتمامي بالشأن الإيراني هو بدافع معرفي وأنني لم أستكمل علاجي بعد، لكنهم وضعوني أمام خيارين، أما التوقف عن انتقاد الإمارات والسعودية وكتابة تعهد خطي بذلك أو مغادرة مصر خلال أسبوعين إلى أي مكان وهو ما تم، حيث قررت العودة وذهبت إلى الطبيب الذي أتعالج عنده الدكتور/ علي حسن سلامة، في الدقي، حيث تفهم ظروفي وقرر لي علاجاً للسكري استخدمه لمدة عام وبعدها يكون خير. بالطبع أعرف شخصيات يمنية في القاهرة كان يمكنهم التوسط لي للبقاء، لكني لم أخبرهم بما حدث لأني لا أريد البقاء وأنا ممنوع من إبداء رأيي ومراقب وتحت مجهر الملاحظة. عدت بالأمس إلى مدينة سيئون ومنها إلى أرض الله الواسعة.. ويحز في نفسي أن تتدخل دول كبار وحكومات في مضايقة صحفي وباحث ليس له إلا رأيه ينشره بكل رقي ويرى أنه جزء من الحقيقة وصورة تجسد الواقع ويكتب بلا تجريح ولا تشهير. * ثمن التخصص بالشأن الإيراني وبخصوص الشأن الإيراني- الذي تخصصت فيه- والذي كان من أسباب ترحيلي من مصر، أقول للأسف الكثير من النخب والحكومات في دولنا العربية ينظرون للمتخصص بالشأن الإيراني على أنه إما مناضل يهاجم إيران ويحارب مشاريعها في المنطقة أو عميل لإيران يروّج لسياستها ويدافع عن توجهاتها ولذا نجد أن المتخصصين في الشأن الإيراني والذين يتناولون الشأن الإيراني، بحياد وموضوعية هم قلة قليلة وتكاد تكون نادرة، فالرأي العام معبأ ضد إيران والذين يكتبون عنها بحياد يسبحون ضد التيار العام ويتلقون شتى التهم، رغم أن الموضوعية والمهنية تقتضي الإنصاف والحياد ولكن هناك دول وحكومات ووسائل إعلام كل همها شيطنة إيران ودورها في المنطقة وهو توجه إعلامي يهدف إلى تصوير إيران بصفتها العدو الأول للعرب والمسلمين وان إسرائيل دولة صديقة وتقف مع العرب والمسلمين في خندق واحد ضد إيران. هذا التوجه الإعلامي الذي يسعى لشيطنة إيران يتماهى مع مشاريع أميركية وصهيونية تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتصوير إسرائيل كصديق وتمرير صفقة القرن معها، وهذا لا يعني أن إيران دولة من الملائكة وتتصرف بمثالية إذ هي دولة إقليمية لها مشروعها ولها وعليها فلا يحكمها الملائكة ولا يقوم عليها شياطين، شخصيا كتبت عن الشأن الإيراني عشرات المقالات حاولت جاهدا أتحلى بإنصاف الباحث الموضوعي ودفعت الثمن. * مسؤولية التحالف والشرعية عن دمار اليمن الحقيقة أن التحالف يتحملون المسؤولية الكبرى عما آلت إليه الأوضاع في اليمن، فلو أنهم يحبون اليمن، فعلا ويريدون لنا الخير لتدخلوا في وقت مبكر وبما فيه مصلحة اليمن ولمنعوا حدوث ما حدث ولكن تدخلهم جاء في الوقت الضائع وأتى بنتائج عكسية فاقمت المأساة في اليمن وبدلاً من إعادة ما تسمى بـ "الشرعية" إلى صنعاء، منعوا عودة هذه الشرعية إلى عدن وقاموا بتشكيل مليشيات مسلحة موالي لهم وخارجة عن سلطة الحكومة واستولوا على المطارات والجزر وحولوا الشرعية إلى واجهة لشرعنة أجنداتهم وممارساتهم في اليمن إضافة إلى الشرعية غارقة في الفساد والسلبية وكل هم أغلب قياداتها ترتيب مستقبل أولادهم وامتلاك مشاريع تجارية ناجحة بينما يموت المواطن اليمني جوعا ومرضا ويقضي حياته في التشرد والمعاناة والمنافي ويهان في كل دولة ويذل في مطار ويمضي اليمن نحو التشظي والتفكك وهي صامتة تكرس هذا الوقع المأساوي وتزيد الطين بلة ومن يتحدث عن هذه الحقائق في وسائل الإعلام يتهم من قبل إعلام الشرعية والتحالف بالعمالة والارتزاق وتوجه إليه شتى التهم ويتم التضييق عليه ومطاردته وفصله من وظيفته ولعلكم تتذكرون كيف ثار إعلام الشرعية والتحالف على الإعلامي محمد الربع لأنه انتقد هادي والشرعية في برنامج " عاكس خط " في قناة " يمن شباب " وتحدث عن سلبيته ودوره في تدمير اليمن فثاروا عليه واتهموه بشتى التهم وطالبوا بمحاكمته وكتبوا عنه المقالات والمنشورات بينما انتقد الإعلامي الربع منذ سنوات جماعة الحوثي بعشرات الحلقات ولم يحملوا عليه ربع الحملة التي شنها إعلام الشرعية والتحالف لمجرد انتقاده وحديثه عن جزء من الحقيقة المرة. لقد دفعت ثمن آرائي ومواقفي الناقدة للشرعية والتحالف ومع هذا فلن نصمت وسنواصل الكتابات الناقدة والمواقف الصادقة وليكن ما يكون. وفي النهاية أردد المثل اليماني "عز اليماني بلاده ولو تجرع وباها " كما أن أرض الله واسعة ولن أقول إلا كما قال نبي الله موسى عليه السلام: "ربي إني لما أنزلت إلي من خير فقير". * باحث في الشأن الإيراني
محمد مصطفى العمراني
لهذه الأسباب تم ترحيلي من مصر إلى اليمن.. 1339