قيل بأن ليلة العيد من عشية ، والأمر سيَّان حين يكون الحديث عن المستقبل بينما الواحد منا في الوقت الحاضر ، يقف عاجزاً ، حائراً ، إزاء أفعال سلوكية لا تشي بغير أن الزمن القابل سيكون اقبح وافظع . لطالما كان شكوانا من عسكرة الدولة ، ومن تجريدها من روحها المدنية المتحضرة ، واذا بنا وبسذاجة أو دون قصد نشرعن ونؤصِّل لمليشينة الحياة وإباحة الفوضى . وهذه الفوضى جائحة فيروسية تفتك بكل مقاومة وطنية شريفة ، والأخطر من هذا كله إنَّها تنتشر في مجتمعنا الضعيف والسقيم كوباء قاتل لا يعثر له على علاج أو ينفع معه المُسكِّن . فالطبيب والمهندس والقاضي والمعلم والإداري بدلاً من توظيفهم في المؤسسات والوزارات تم تجنيدهم في معسكرات تابعة لهذا القائد أو ذاك ، ولأجل مآرب أنانية ضيقة . الكهرباء وعلى قيمتها وأزماتها المتفاقمة لا نريد دفع فاتورتها وبمبررات واهية حمقاء . كما وضريبة سلعة وسوق وجمارك وخدمات ونقل يذهب ريعها في الأغلب خارج أوعية الدولة ويتم إنفاقها من قبل أمراء الحرب وعيني عينك ودونما خجل أو وازع أو رادع . أتأمل في ما هية السلوكيات المشاهدة في حياتنا اليومية ، وفي ما هية الأفكار العبثية المثارة الآن ، وفي ماهية الاجندة الشخصية والفئوية والجهوية والسلالية والمذهبية ، وفي ماهية القيادات الطارئة على المرحلة ؛ فينتابني الفزع والوجع على حد سواء . الفزع من حاضر يلف رقابنا ويضعها لشفير مقصلة لا تمل أو تسأم أو تتألم ، ومن كتب له النجاة من الموت اليومي فإنه يعيش مذعوراً محبطاً قنوطاً من غد يجهل كنهته وماهيته . أمَّا الوجع ؛ فمن استدامة الحرب اللعينة ، ومن انتظار الفرج ممتطيا صهوة الكذب والخراب والشعارات الديموغاحية المضللة الخادعة .
محمد علي محسن
ليلة العيد من عشية .. 894