ماذا يريد الأشقاء، وتحديدا، السعودية والإمارات؟ سؤال محوري وأساسي وينبغي الإجابة عليه بكل صدق وشفافية ودونما تضليل، أو مخاتلة، أو تزييف للوعي. فخمسة أعوام من الحرب أعتقد أنها كافية كيما ندرك ونعلم أين المشكلة وما سبب هذا التعثر الحاصل، رغم وجود إمكانيات ومقومات كفيلة بتحرير فلسطين وليس فقط تحرير ما بقي من بلاد اليمن. فالجماعة الحوثية تضخمت وتقوَّت نتيجة لضعف وتمزق من يفترض أنه الطرف القوي الحامل لراية الشرعية. وقبل أن أسأل عن ماهية اليمن الذي نتطلع كيمنيين لإنجازه في المستقبل؛ أريد أعرف بالضبط ماهية اليمن الذي يريده الأشقاء الخليجيون وتحديداً السعودية والإمارات باعتبارهما الداعمين الرئيسين عسكرياً وسياسياً؟. فقط، أود معرفة ماهية الدولة التي يشاركوننا معركة استعادتها؛ فهل هي الدولة الاتحادية الفيدرالية بأقاليمها الستة أم أن لديهما وجهة نظر مختلفة بحيث تكون ثنائية أم ثلاثية؟! أم أنهما يدعمان خيارات أخرى استجدت لهما ورأوا أنها واقعية، وهذه الرؤية تتمثل بدولتين في الجنوب والشمال ووفق حدود ما قبل التوحد؟. هل دعمهم للسلطة الشرعية هدفه الأول والرئيس استعادة الدولة وسيطرة سلطتها السياسية على كامل مساحة وشعب اليمن أم هدفه إطالة الحرب وإدخال اليمنيين في معارك ثانوية ممزقة لما هو ممزق أصلاً؟!. كان التحالف تدخل تحت يافطة استعادة السلطة الشرعية، وتنفيذ مقررات مؤتمر الحوار التي هي امتداداً لمبادرة دول الخليج، وما فعله التحالف مثَّل حالة نادرة تستحق الثناء والشكر، ولا أحد يستطيع نكرانه وجحوده. ومع كل ما قدمته الدولتين، أود معرفة منتهى هذا الدعم؛ لأنني وبصدق صرت لا أفهم، ما يجري في هذه البلاد من حروب بالوكالة، وشملت كل النواحي السياسية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية والإغاثية والدبلوماسية والخدمية. فبعد أربعة أعوام ونيف على انطلاقة عاصفة الحزم نهاية مارس ٢٠١٥م مازالت المليشيات الحوثية الإنقلابية تهاجم وتسيطر، ومازالت تتلقى الأسلحة والعتاد الحربي الثقيل والنوعي، بل ووصل الأمر بها لإطلاق طائرات مسيرة وصواريخ على أهداف خارج حدود اليمن. وبالمقابل حصار بحري، وسيطرة تامة على أجواء اليمن، وغارات جوية لا تتوقف، إلا أن ذلك لم يقابله دعماً برياً ولا تسليح حربي يضاهي، على أقل تقدير، ما لدى الحوثيين من ترسانة أسلحة ثقيلة، وكذا ما لديها من أسلحة واصلة لها من حلفائها في إيران أو المنطقة. نعم، بودي معرفة ماهية الغاية التي يسعى لتحقيقها كل من هاتين الدولتين، فلقد تدخل الأشقاء عسكرياَ وسياسيا، ولأجل إنقاذ اليمن. طبعاً المستفيد الوحيد من إطالة الحرب هم الحوثيون واتباعهم ممن يستمدون وجودهم من صيرورة الوضعية الحالية المشوهة، فضلاً عن أمراء الحرب وتجار السلاح وقادة المليشيات غير نظامية. وخلاصة القول الحالة اليمنية وصلت لشفى ما هو أسوأ من الصوملة والافغنة والعرقنة، وما لم يتم تدارك وتصويب الأخطاء الفظيعة من جهة السعودية والإمارات، فإن الحرب ستطول وتتسع جبهاتها، ما بقي الوكلاء جاهزون لخوض غمارها. وفي المنتهى لا السلطة الشرعية عادت إلى صنعاء، أو أن الحوثيون هزموا وسلموا السلاح، أو أن الجنوبيون أحرزوا استقلالهم الثاني واستعادوا دولتهم، أو أن القوى الحزبية والسياسية يمكنها تحقيق مضامين الدولة الاتحادية ؛ فكل هذه الغايات والمسارات لن تتحقق وتنجز. وعلى العكس، وإذا ما استمرت الحالة على ما هي عليه الآن، فاليمن مرشح لفوضى عارمة، ووقتها لن يجدي الندم على بلاد أضاعها أبناؤها وبدعم وتمويل الأشقاء والأعداء على حد سوى.
محمد علي محسن
ماذا يريد الأشقاء؟! 1011