في منتصف ديسمبر الماضي أعلن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة غريفث عن توصل طرفي المشاورات في استكهولم، الحكومة الشرعية ومليشيا الحوثي، لاتفاق حول ثلاث قضايا هي ميناء الحديدة، وملف التبادل، وتفاهمات حول تعز!. هذا الذي تم إعلانه، لكن حقيقة الأمر وطبقاً لمصادر شاركت في المشاورات، فلم يتم الاتفاق سوى على ملف المختطفين وتبادل الأسرى، وما عرف حينها بملف "التبادل" وكان الاتفاق يحتوي على آلية إخراج المختطفين ومن بينهم الـ ٣٦ مختطفا أراد قاضي مليشيا الحوثي أن يحكم عليهم بالإعدام، لكنه في الحقيقة حكم على الاتفاقية ذاتها بالإعدام ونسفها نسفاً كاملاً. في ٣٠ أبريل ٢٠١٨م أصدر مجلس القضاء الأعلى قراراً قضى بإنشاء المحكمة الجزائية، وجاء في القرار: تأكيداً لقرار المجلس الذي قضى ببطلان التعيينات في المحكمة نفسها وبطلان كل ما يصدر عنها، والذي صدر في أول أغسطس ٢٠١٧م. لكن هناك من يقول بأن القاضي عبده راجح لا يزال يستلم راتبه من عدن، وهو نفسه الذي استغل القضاء وارتكب جريمة تسييسه، وتحويل القضاء من ملجأ المظلومين إلى خنجر للظالمين لتفصيل أحكام لقتل الأبرياء تحت غطاء جائر يحمل ختم قاضي!. حتى الآن قتلت مليشيا الحوثي ما يزيد من ١٣٥ ضحية تحت التعذيب، قتلتهم بدم بارد، بلا محاكمات، ولا توجيه تهم ولا أغطية همجية لتنفيذ جرائمهم الخطيرة ضد الإنسانية.. حسب القانون الدولي الإنساني، وربما أنها- أي المليشيا- تلقت نصيحة لتلميع جرائمها ولو تحت غطاء قضاء باطل. قبل أعوام أصدرت تلك المحكمة وذات القاضي أحكاما بالإعدام على رئيس الجمهورية وعدد من رموز الدولة، في همجية بالغة تؤكد مدى استهتار مليشيا الحوثي بحرمة القضاء وقدسية مبادئه، وهي ذات المحكمة ونفس القاضي الذي أصدر حكماً بالإعدام ضد الأستاذ/ يحيى الجبيحي خلال ساعتين فقط، وعقب ذلك الحكم تم الإفراج عن الجبيحي برغم الحكم الهزلي، في دليل من مئات الأدلة تفضح استغلال مليشيا الحوثي للقضاء وتوظيفه لتصفية حسابات. في قرار الاتهام الذي أصدرته مليشيا الحوثي ضد ٣٦ مختطفا وجهت لهم نحو تسع تهم، والمضحك أن قرار الاتهام في ٢٠١٧م شمل تهما لما وصفها بجرائم ارتكبت في نهاية ٢٠١٦، وحتى منتصف ٢٠١٧، في حين أن نحو تسعة من المختطفين اختطفتهم مليشيا الحوثي في ٢٠١٥م أي قبل تنفيذ تلك التهم الهزلية بنحو عام. وكنت قد ذكرت ذلك في مقال بعنوان قاضي اللجان الشعبية، وقلت: هل أفرجت عنهم مليشيا الحوثي لينفذوا تلك الأعمال ثم يعودوا إلى زنازينهم؟! هي مهزلة بامتياز، لكن المؤسف أن الحكومة لم تقم بواجبها تجاه المختطفين منذ اليوم الأول، فلم تتابع ما سمي باتفاق السويد والذي لم يناقش قضية ولم يتطرق إلى ملف سوى ملف المختطفين، ومع ذلك تجاوبت الحكومة وانساقت مع فخ المبعوث الأممي حول ميناء الحديدة وتجاهلت ملف التبادل وملف تعز! وهو أمر يدعو للحيرة والسؤال العريض حول أداء الحكومة ودورها. ما يجب الآن هو أن تقوم الحكومة بدورها تجاه الملف الإنساني الوحيد الذي يتعرض للخذلان والتسييس، وعليها احترام اللحظة وتضحيات الأبطال ووجع الأمهات والأهالي، والضغط بكل السبل لإنقاذ المختطفين، وهم قادرون على ذلك لو أرادوا. ما يمكن التأكيد عليه أيضا أن قاضي اللجان الشعبية اليوم أصدر حكماً بإعدام اتفاق السويد، فهل ستصحو الحكومة من وهم جدل ميناء الحديدة وتنقذ المختطفين؟!
حسين الصوفي
حسين قاضي الحوثي يعدن السويد 921