تقول القصة: إن امرأة جاءت حاتماً فسألته عن مسألة، فاتفق أنه خرج منها "صوت" في تلك الحالة فخجلت، فقال حاتم: ارفعي صوتك، فأوهمها أنه أصمّ.. فسرّت المرأة بذلك، وقالت: إنه لم يسمع الصوت، فلقّب بحاتم الأصم. يا له من خلق كريم، لا يتصف به إلا كرام الناس وسادة القوم، وأنا أجزم أن الكثير لو كانوا مكان حاتم الأصم فإن أصغر فعل سيصدر منهم هو الضحك الهيستيري هذا إذا لم يعملوا من الموقف مسرحية. ومن المحزن أن تجد في الناس من يتتبع عورات إخوانه ويفضح زلاتهم ويتلمس أخطاءهم وينسى أن الجزاء من جنس العمل. فمن أقال عثرة أخيه أقال الله عثرته ومن تتبع عورات الناس فضحه الله تعالى في عقر داره، فتجد الزوج إذا زاد الملح في صنف واحد من الطعام وقد أعدت له زوجته عشرة أصناف.. يقلب البيت على رأس زوجته المسكينة، وتجد بعض الآباء يترصدون لأبنائهم كما يترصد العدو لعدوه, طالبين عثراتهم، ناشرين زلاتهم وبعض الناس إذا أخطات بحقه دون قصد منك فلك الويل والثبور وعظائم الأمور, فالكلمة سيردها بعشر والجملة بمحاضره.
أحلام القبيلي
أخلاق حاتم الأصم 1165