هل سترث طهران انقلاب عدن؟ وأين موقع الرياض؟ التخلص من شرعية الرئيس هادي أصبحت رغبة خليجية إيرانية مشتركة، وعلى ضوء ذلك حصلت تفاهمات بين أبوظبي وطهران لتحقيق هذا الهدف وتجنب أي تصعيد عسكري يهدد أمن الخليج، لكن الفارق أن إيران دائما تسبق الخليج بخطوة الى جانب قدرتها السريعة عَلى تحقيق أهدافها وعدم التوقف منتصف الطريق. ولأن آخر رمزية للشرعية تتمثل في قصر معاشيق بعدن فإن إسقاطه يشبه تماماً إسقاط العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014 . وبرغم أن الإمارات دفعت ملياري دولار لإسقاط حكومة الوفاق الانتقالية - حسب تصريحات جنرال سابق سعودي - من خلال شريكها الرئيس السابق/ علي عبد الله صالح، إلا أن إيران هي من ورثت الانقلاب عبر شريكها الحوثي الذي قتل صالح وفكّك وحداته العسكرية وحزبه. اليوم.. تسعى الإمارات لإكمال صفقة الانفصال في جنوب اليمن، بالتفاهم مع الإيرانيين متكئة على ميلشيات مسلحة تعدادها أكثر من تسعين ألفاً- حسب تصريحات مسئولين إماراتيين- إلا أن ثلاثة آلاف مقاتل تدربوا في البقاع اللبناني على يد حزب الله والحرس الثوري الإيراني هم من سيرثون انقلاب عدن، فالتخادم الإماراتي الإيراني لا يهدف لتحقيق أهداف تكتيكية في اليمن بل هدف استراتيجي مشترك هو تفكيك السعودية. إذا ما هو موقف الرياض مما يحصل في عدن؟ سيكون نفس موقفها مما حصل في صنعاء ستحاول تحقيق أهداف تكتيكية على بقايا حطام فوضى متوقعة، وإن اعتبرت الشرعية هي شريكها الرسمي والوحيد في اليمن. ليس من مصلحة أي دولة خليجية أن يكون هناك دولة جمهورية بحكم ديمقراطي في الجوار، كما أن التكتل البشري وتنوع الثروات، خاصة النفط والغاز والمعادن والامتداد الساحلي والموانئ التاريخية سيمهد لإمبراطورية يمنية في المنطقة في حال توفرت قيادة قوية، وهو ما يراها الأشقاء مهدداً مستقبلياً لدويلاتهم، كما أن وضع اليمن المتشرذم حاليا يغري الخليج في تحقيق أهداف استراتيجية مرسومة منذ عقود يتعلق بعضها بالسيطرة على الموانئ والحصول على منافذ على البحار المفتوحة (البحر العربي والمحيط الهندي). لكن هناك أسباب آنية وأخرى استراتيجية ستمنع السعودية من الهرولة للاستفادة العاجلة من مشروع أبوظبي وطهران أبرزها: ١) إغراء السعودية بتحقيق بعض الثمار محاولة للاستغلال المؤقت لموقفها ثم استهدافها وتحقيق هدف التفكيك بعد السيطرة على اليمن. ٢) تأمين الحدود السعودية اليمنية، فشل كما فشلت استراتيجية إخضاع الحوثي ولازالت الصواريخ والطائرات المسيرة تهاجم مطارات ومدن المملكة. ٣) المنفذ البحري على المهرة يمكن الحصول عليه باتفاق رسمي بين البلدين بدلاً من الاحتلال. ٤) انفصال الجنوب معناه توطيد دويلة الحوثي في الشمال. ٥) المخاوف من الثورات وأنظمة الحكم الجمهورية والانتخابات والإسلام السياسي لم تعد أكثر من بعبع بعد وصول ميلشيات الإسلام المسلح المدعوم من إيران إلى الحدود. ٦) سقوط آخر حليف للسعودية وهي الشرعية يضعف الرياض في اليمن ويشجع على استخدام الملف اليمني في تصفية الحساب معها إقليميا ودولياً. ٧) سقوط عدن معناه سقوط الشرعية، معناه انتهاء الحرب، معناه بداية فتح ملف التحقيقات في الحرب وملف الانتهاكات والذي سيستخدم ضد الطرف المهزوم وحلفائه. ٨) انقلاب عدن يعني سباقا محموما بين ميلشيات انقلابية وجماعات إرهابية وتحوّل اليمن إلى منصة للإرهاب. ماذا ستعمل الرياض إذاً؟ ستحاول تخفيف الاحتقان وستنتزع من الشرعية بعض الصلاحيات للمجلس الانتقالي.. ويبقى هدف دفن الشرعية قائماً حتى وقت إعادة بناء حليف عسكري في الشمال (الهاشميون والمؤتمر الشعبي العام) واحتواء ميلشيات الإمارات في الجنوب! لكن لن تكون هناك فرصة لإيران أفضل مما يحصل في عدن الآن، ما يعني أن الصدام المسلح أمر متوقع، ونتائجه غير متوقعة، فلا هو سيؤمن للمجلس الانتقالي الحكم، ولا يعيد الشرعية إلى عدن، مالم تدخل قوة جديدة تخل بالتوازن العسكري وتفرض أمراً واقعاً مختلفاً!
عبدالسلام محمد
التخلص من شرعية الرئيس 1303