تصريح الخارجية الأميركية حول انقلاب الإمارات في عدن، كان واضحاً إزاء وحدة اليمن، لكن ما لفت انتباهي حديث المصدر المسؤول في الخارجية الأميركية، أن الحكومة الأميركية تتابع الوساطة التي تقوم بها المملكة بين الحكومة الشرعية والمجلس الإنقلابي التابع للإمارات من أجل- وأرجو التركيز هنا- من أجل انسحاب الانتقالي وتشكيل حكومة جديدة؟ هنا يجب أن نضع ألف علامة استفهام..؟
كيف يمكن لدولة تقود تحالفاً من أجل إعادة الشرعية أن تكون وسيطاً مع انقلاب على السلطة الشرعية..؟ كما أن الوساطة تشمل تغيير الحكومة وخارطة تشكيلها..؟
لقد عملت الإمارات والرياض- خلال السنوات السابقة- على فرض تغييرات عديدة في أعضاء الحكومة والكثير من المؤسسات، نجحت في بعضها وفشلت في أخرى.
اليوم.. إذا وقفنا لنتذكر، نجد أن ما كانت تحاول أبوظبي فرضه سابقاً بات واقعاً مفروضاً وفقاً لأحداث الإنقلاب في عدن.
الرياض هي الأخرى يبدو أنه يروق لها ذلك لتفرض هي الأخرى ما تريده داخل الحكومة..
وهذا يعني التدخل في تغيير مفروض على الحكومة وفق ما ترتضيه أو تقدمه أبوظبي والرياض من مرشحين تابعين لها أو تضمنان ولاءهم لهما وليس لليمن أرضاً ودولةً وشعباً..
أن يأتي وزراء مدعومون من عواصم مثل الرياض و أبوظبي اللتين تتحكمان بمصير اليمن- كما هو حاصل في الإنقلاب الإماراتي التي تعود دوافعه إل تشبث دولة الإمارات بمصالح إستراتيجية غير مشروعة في اليمن وتزيد شرعنتها في حال نجحت في تمرير أجندتها لدى الحكومة وفرض المرشحين.
وأياً كانت الوزارات التي سيتولونها فإن أولئك الوزراء سيتمتعون بحماية ونفوذ دولتين، لهما قواتهما المسلحة التي تسيطر على الأرض و بإمكانهما أن تنقضّا على الحكومة متى أرادتا..
ولنا أن نتخيل أن يكون الوزير متمتعاً بصلاحيات ونفوذ يتجاوز رئيس الحكومة ويتجاوز افتراضاً حتى الرئيس الذي سيكون مكبلاً بقيود تفرض عليه اليوم مقابل إنهاء شكل الإنقلاب في عدن وليس إنهاء الانقلاب..
وما نود الإشارة إليه هنا أن النوايا ليست صادقة حتى الآن في موقف الأشقاء بالمملكة، بل إن موقفها يظهر بشكل انتهازي نحو اليمن حكومةً وشعباً وجغرافيا، وإذن فتقديرات القادم خطيرة وفرض ما يريدون مقابل إنهاء شكلي للانقلاب خطير، والمخاوف حول المطامع التي يسعون لتحقيقها وتمريرها من خلال فرض وجودهم داخل الحكومة تزداد وتزيد معها مخاوف اليمنيين..
فبقاء الحكومة ضعيفة والرئيس ضعيفاً والمؤسسة الدستورية والبرلمان معطّل عن العمل.. كلها معطيات تذهب باليمن إلى مربع الانتهازية التي ستكون أدواتها المزيد من الحروب والانقلابات ضد الحكومة الشرعية في محافظات أخرى أو إعادته في عدن، ولكن هذه المرة بدعم من وزراء فاعلين داخل الحكومة..
غياب الرئيس وعدم الشفافية نحو الشعب يعمّق من قناعات بدأت تطرح تساؤلاً واضحاً: هل الظروف التي تحيط بالرئيس باتت اليوم تمنعه من ممارسة صلاحياته كرئيس للجمهورية اليمنية ورعاية مصالحها والحفاظ على وحدة أراضيها!؟
والتساؤل أيضاً لا يستثني نائبه ورئيس الحكومة.. فواقع الحال والمنطق والعقل لا يمكن أن يقبل صمت الرئيس ونائبه ورئيس الحكومة حيال أحداث مهمة وقعت ضد الدولة الشرعية في العاصمة الثانية المؤقتة طوال أسبوع كامل من وقوع ذلك الإنقلاب..
وفي كل الأحوال فإن أي تصرف من قبل التحالف أو إملاء أجندة خارج ما جاء من أجله وهو إعادة الشرعية الدستورية وإنها ء الإنقلاب وتطبيق القرار الأممي ((٢٢١٦)).. لا يعبّر إلا عن قوى هيمنة واستعلاء وإفقاد الوطن سيادته واستقلاله، وانتهازية من قبل التحالف لمآرب أخرى تستهدف مقدرات وإمكانيات وطن مترامي الأطراف وهو أمر بات محل تداول ونقاش حقيقي في الأوساط السياسية والحزبية ولدى المجتمع اليمني.
وهو ما يستدعي من التحالف أن يعيد حساباته وأن يتخلى عن تطلعات غير مشروعة ويكون أكثر صدقاً في تحالفه.. هذا أمر على قدر كبير من الأهمية لاستعادة ثقة الشعب به..
فهل يقدر على ذلك؟ الأيام القليلة القادمة ستكشف لنا ذلك