لست متفائلاً باتفاق جدة على الإطلاق، فقد علمّني التاريخ القريب، الكثير والكثير من هذه المهرجانات، ابتداء من (مبادرتهم الخليجية) والتي تقاطرت الأطراف اليمنية للتوقيع عليها في الرياض.. ثم رعايتهم بعدها لاتفاق (السلم والشراكة) ثم المرور بعدها بخمس سنوات من الحرب وما صاحبها من تصريحات رنانة تحت عنوان القضاء على (الانقلاب) في صنعاء وإرجاء (الشرعية) إليها. وانتهى الأمر برعايتهم لانقلاب في عدن وإخراج الشرعية منها...
واليوم يتحدثون عن ضرورة عودة الشرعية إلى عدن ويتحدثون عن بناء وهيكلة الجيش الوطني وهم الذين جعلوا هياكله العظمية تتطاير في ضواحي عدن وأبين بعد أن قصفوه بطائراتهم..
في الأمس كانت الحكومة في المعاشيق تحت حماية المدرعات الإماراتية وإذا غضبوا منها أطلقوا العنان لميلشياتهم لتتسلق أسوار المعاشيق. وفي نهاية المطاف أخرجوها بالقوة.
وفي الغد ستكون الحكومة تحت حماية المدرعات السعودية وربما والإماراتية كذلك. ولكن الغير مسموح به هو أن تكون الحكومة تحت حماية قوات يمنية..
ما يحدث في جدة هي عملية تجميل لخمس سنوات من الفشل والغدر والفجور والعبث في اليمن. عملية تجميل مستعجلة فرضتها ظروف داخلية وإقليمية ودولية وفرضتها رائحة الدخان المتصاعد من (معامل أرامكو).
في اتفاق جدة تم ترحيل معظم- إن لم يكن كل- القضايا السياسية إلى المستقبل.
في اتفاق جدة عبارات وجمل مطاطية وحمالة أوجه.. فأمام كل عبارة سيكون هناك نقاش وانقسام. نحن على موعد مع تقسيم المقسم وتفتيت المفتت .. نحن على موعد مع فصل جديد من فصول الخداع السياسي العربي في اليمن.. حفظ الله اليمن ومكر الله بمن يمكر به..