الرسائل التي يبعثها اللبنانيون من ساحات الانتفاضة الشعبية كثيرة، لكنها جميعها تلخص محنة النظام الطائفي الذي أفضى إلى إدخال لبنان في مأزق أفسد بناء دولة المواطنة وتحويل لبنان إلى وطن.
النظام الطائفي يبدأ بتخريب الطبقة السياسية التي تعتمد على العصبية الطائفية أكثر من اعتمادها على البرنامج السياسي والاجتماعي الوطني.
تتحرك هذه الطبقة فوق المجتمع محمولة بعصبية الطائفة لا بحاجات المجتمع المتجددة والمتنوعة، وبالتالي فإن أول ما تستهدفه هو وحدة المجتمع حيث تعمل على تهشيمه، مع ما يرافق ذلك من فساد سياسي وتعبئة اجتماعية ذات بعد طائفي ضداً على المصالح الوطنية.
ومن الطبيعي أن يؤدي هذا الفساد إلى تبديد فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فالتنمية تعتمد قبل كل شيء على علاقة المجتمع بالنظام السياسي، وفي الدولة الطائفية تكون الطائفة هي الحلقة الوسيطة بين المجتمع وهذا النظام، الأمر الذي يصبح فيه المشروع الاقتصادي مكبلاً بالمحاصصة الطائفية.
لبنان اليوم يقول لمن يفكرون في النظام الطائفي في منطقتنا، ومن خلال تجربته المريرة، ابحثوا عن "الوطن" والمواطنة إذا أردتم مستقبلاً يحميكم من الفساد وما يفضي إليه من فقر وجوع وشتات.