صنعاء جمهورية حزينة.. صباح اليوم وكل يوم تخفي في جنباتها كثير من الآمال وتبدي في وجهها القليل من المخاوف والأحزان.
أنا لم أكتب عن ما يدور في شوارع صنعاء ولا ما يدور بين الناس هناك من قبل، لكن أكتفي اليوم بنقل مشاعر أصدقاء تربطني بهم علاقات صداقة عادية جداً قبل أن نتحول في نظرهم أنا ورفاقي إلى خونة.
صنعاء تتشح بالسواد حزناً على شبابها المختطفين ومن يدفع بهم إلى محارق الحرب، مخاوف صنعاء من انكسار الجيش في نهم أكثر من مخاوف مأرب.
مع بداية معركة نهم تحولت مخاوف سكان صنعاء إلى غضب وهمهمات وسخرية من الانقلاب الحوثي، لكن مع تشييع المئات من قتلاها في كل مساجد العاصمة تحولت الهمهمة إلى صرخات في وجوه قادة الميلشيات.
كان صديقي العدو يتساءل وهو يتحرك ببطء في شوارع العاصمة القديمة.. لماذا كل هذا الحزن والغضب في وجوه الناس؟
اقترب من احتشاد الناس قرب منزل لأحد قتلى الحوثيين في نهم، كان هناك مصور قناة المسيرة من بيت المتوكل يبحث عن لقطة، فدعته امرأة مسنة وهي تقول له: تعال صور معي أنا أمه فلما اقترب منها إذا بها تأخذ حذاءها وترمي به في وجه المصور، وتتكلم وهي تبكي" من قتل ابني؟ أنتم"..
كان موقفاً محزناً ومؤلماً ومهيناً في نفس الوقت.
استمر صديقي في المشي مع مرور طقم عليه ميلشيات حوثية فإذا واحدة من النساء تصرخ "عليكم لعنة الله.. أخذتم رواتبنا وقتلتم أولادنا (يا كمن نذل) وما بين القوسين كلمة صنعاني تعبر عن غضب في توصيف حجم النذالة.
صنعاء ليست بخير مقهورة حزينة تتشح بالسواد، ويبدو أن الهمهمات والغضب والصراخ في طريقه لثورة مجتمعية قد لا نشعر بها، لكن الحوثيين يدركونها جيدا فهم في حالة انتشار امني غير مسبوق تحسبًا لأي تمرد متوقع.
الى الجيش في أعالي جبال هيلان ونهم والله ان صنعاء تنتظركم كما لم تنتظركم من قبل وعندما أعلن الجيش عن انسحاب تكتيكي كانت الدموع تتساقط من عيون رجالها قبل نسائها حتى أعاد الجيش ترتيب جبهاته وحقق تقدمًا نوعيًا واخترقا لمناطق مغلقة للحوثيين مثل جبل هيلان فعادت الابتسامة.
لا تحتاج صنعاء لحرب، تحتاج فقط أن يكون الجيش في نهم بخير فهو يحرس أحلام اليمنيين هناك، وحين يصل الجيش أرحب ويعلن سيطرته على مطار صنعاء ستكون سنوات الحوثي افتراضية أشبه بكابوس حلم لا مكان لها في الواقع، وعندها نتفرغ لعلاج جراحاتنا!