ثورة فبراير حقيقة من حقائق تاريخ اليمن المعاصر.. لن يضرها شيء أن يترك الحديث عنها جانباً في الوقت الحاضر.
فأنصارها لن يضيفوا شيئاً لقيمتها الوطنية بالدفاع عنها، ولن ينتقص خصومها من هذه القيمة عند مواصلة الهجوم عليها.
أهم ما يمكن أن يتمسك به الجميع الآن هو التلاحم لمواجهة الخطر الذي يؤسس لصراعات خارج المسار الوطني الذي كانت قد انتهت إليه بالحوار ونتائجه التاريخية:
دولة مواطنة، الحرية والحقوق المدنية، حق الناس في تقرير اختياراتهم السياسية.
الصراع في هذا الإطار الوطني غالباً ما يجعل الوطن محوره الرئيسي، ويتم بأدوات سياسية وفكرية ومدنية، ويظل الوطن حاضرا في كل الأحوال. أما الصراع خارج هذا الإطار فإنه يستهدف هدم الوطن في الأساس، وهذا ما أقدم عليه حراس مشاريع الغلبة بالانقلاب على ذلك التوافق الوطني التاريخي.
لذلك لا بد من تنزيه ثورة فبراير، وتوسيع مضامينها لتستوعب مستجدات الحياة السياسية والتطورات التي شهدتها البلاد. سيهاجمها الكثيرون، منهم الطيبون، ومنهم مقاولو التخلف والفساد والغلبة، وسيتطاولون على كل ما حملته من نبل وتضحيات بالحديث عن أنها كانت السبب فيما وصلت إليه البلاد..
لا بأس، لتمتد إلى هؤلاء يد الثورة بما خلصت إليه من توافقات وطنية تتم لأول مرة في حياة هذا البلد الذي لطالما استبدت به مشاريع الغلبة، لتؤكد بهذا على أنها لم تكن فعلاً لا تاريخياً بقدر ما كانت تعبيرا عن حاجة موضوعية، حرصت على أن تتم بأقل الخسائر المجتمعية، وبروح تعبر عن أصالتها.. وهي بذلك مطالبة أن تتجاوز الإساءة وتتمسك بتقاليدها الثورية، وتؤكد قيمها الحقيقية التي استهدفت بناء اليمن الجديد.
الجميع غارق في وقت عصيب، وأمام ظرف كهذا لا أحد يدري إلى أين سيقودنا، لا بد للثورة أن تستعيد المبادرة بوعي يجسد مفاهيمها التي انطلقت منها مع مواصلة البحث فيما يقلص الفجوة بين مشاريع منتسبيها وبين أحلام المجتمع.