ملاحظات على هامش بيان لقاءات الأردن..
لنتذكر أن مباحثات السلام في استوكهولم، وما خرجت به من اتفاقات، كانت قد وصفت بأنها محطة على طريق الحل الشامل.. ذلك ما خاطب به الجهد الدولي العالم يومذاك، وما حشد ونظر له الكثيرون بعناوين "إنسانية"، وأخرى سياسية أكدت التزام الحوثيين للمبعوث الدولي بالانسحاب من الحديدة وموانئها مقابل أن يوقف الجيش الوطني زحفه لاستعادتها بالقوة.
الجميع يعرف أن تحقيق هذا الهدف كان قاب قوسين أو أدنى، وهو الذي كان سيغير مجرى الأحداث بالكامل.
لم تكن المباحثات مجرد محاولة دبلوماسية لبناء الثقة كما يراها هؤلاء اليوم.. لقد كانت، كما قالوا بومذاك، محطة هامة على طريق الحل السلمي. وشتان ما بين الإثنين.
وعندما أفشل الحوثيون هذه المحطة، ونقضوا اتفاقهم بشأنها، كتأكيد على موقفهم المناهض للسلام، أخذوا يصنفونها بأنها مجرد مشاورات لبناء الثقة، وهم الذين نظروا إليها يومذاك على انها محطة نحو السلام.
أمر غير مفهوم بالمرة أن تتحول من محطة للسلام إلى مجرد مشاورات لبناء الثقة، وخاصة من قبل بعض ممن يتمتعون بموقف محترم لا يخالطه الشك.
كان بعض من هؤلاء قد انتقد ما أبديناه من محاذير تتعلق بدواعي أن تقدم الدولة تلك التنازلات في أهم الجبهات التي كانت تشكل مصدر قوتها في المواجهة مقابل وعود هشة. وعندما جادلناهم يومها بحقيقة أن ما تقدمه التجارب البشرية من نماذج لمقاربات تاريخية، تم فيها التمسك بنقاط القوة، هو ميراث لا يجب تجاهله في مثل هذه المنعطفات الحاسمة، رد علينا البعض أن شروط تحقيق السلام قد نضجت في هذه الجبهة، وأنه من الضروري التقاط اللحظة.
انتظرنا هذه اللحظة، فإذا بالحديث عن السلام قد أخذ ينقلب ضداً على كل ما بشر به هؤلاء، وخاصة بعد أن سخر الحوثيون من الاتفاق، وقمعوا حجور، واستولوا على العود، وهاجموا الضالع والزاهر في البيضاء، وأشعلوا معارك نهم والجوف، وتبنوا خطة عسكرية شاملة للانتقام لمقتل سليماني.
ما أتمناه هو أن يعكس هذا التقييم الذي انزلق إليه هذا البعض " المحترم" جانباً من الارتباك العام الذي يمكن تصحيحه بالنقاش والمراجعة، حتى لا يبدو وكأن سخرية الحوثيين من الاتفاق قد وجدت الغطاء لمواصلة عبثها.