في سوق البهرة بعدن، كان أشهر تاجر "بانيان" معروف باسم "لالجي بهادر" نموذج للتاجر النشط والذكي، وكان هو الذي يتنبأ بحال السوق صعوداً وهبوطاً.
تعاظم شأنه في السوق كمحلل، فكان التجار يأخذون بآرائه.. فليجأون في زمن الأزمات، التي يتنبأ بها مسبقا، إلى تخزين البضائع، واثرى من وراء ذلك الكثيرون، وكان نصيبه يأتيه كمكافأة من التجار الذين أثروا.
وبسبب ذلك نسي التجارة بعد أن تدفقت إليه الأموال بدون تعب التجارة ومخاطرها، لكن الأيام دارت وتعلم كثير من التجار ما كانوا يجهلونه من أسرار السوق ولم يعودوا في حاجة إلى استشاراته فساء حاله، وحاول العودة إلى التجارة لكن السوق كان قد تجاوزه، فبدأ يبحث في دفاتره القديمة عن إمكانية معاودة نشاطه القديم، لكنه أخذ منهجاً عدائياً وانتقامياً، وراح يفتش عما يمكن أن يشوه به صورة غيره من التجار ظناً منه أن سيفتح لنفسه طريقاً للنجاح بذلك الأسلوب.. ولم يدرك أن التجارة مثل أي نشاط بشري عام لا يمكن أن تزدهر بالحقد والكراهية والتشويه.
أفلس بعد ذلك، وصار اسمه يردد كنموذج للشخص "الذي يفلس ويرجع يقلب دفاتره". وفي يوم من الأيام، كما يقال، زاره المندوب السامي البريطاني "وليام لوس"، وكان قد سمع بقصته، فوجده منهمكاً فوق مكتبه يكتب، ويسجل، ويقلب في الدفاتر، فسأله:
-مستر لالجي، كيف السوق؟
أجابه: شوف دفاتري على الطاولة وأنت تعرف السوق.
سأله:
-ماذا تعني؟
-لا يعرض التاجر دفاتره على الطاولة بهذا الشكل الذي تراه إلا عندما يسود الإفلاس.
-لكن هل أنت الذي أفلست أم السوق؟
أجاب:
-ما تفرقش.
ترى كم لالجي سياسي يعرضون دفاترهم اليوم بعد أن راحوا يفتشون فيها بحثاً عن شيء، أو تلفيقاً لموقف، ينقذهم من الورطة التي وضعوا أنفسهم فيها.