;
د.ياسين سعيد نعمان
د.ياسين سعيد نعمان

الحوثية.. حاصل جمع: ميراث الإمامة، وتخريب الجمهورية 1452

2020-03-17 08:12:34

تعامل مع خصمك كما هو في الحقيقة لا كما يحلو لك أن تراه.

لا يغير من الوضع شيئاً أن تختار على نحو تحكمي صورة انطباعية تصفه فيها بأدوات ثقافية ومعطيات تاريخية مراوغة.

 الحوثيون قد يكونون الطبعة الأشد قتامة وتخلفاً وجهلاً من بين كل العائلات الإمامية التي اكتوى بها اليمن، لكن لا ننسى أنهم في حقيقة الأمر حاصل جمع:

shape3

١-ميراث الإمامة، بحكمها الطويل الذي ترك حصيلة لا يستهان بها من الأدوات الثقافية والسياسية والفكرية، ومناهج الحياة الاجتماعية التي قسمت المجتمع على نحو تحكمي إلى طبقات على نحو متعارض مع المناهج العلمية وقوانينها الموضوعية في تفسير ظاهرة الانقسام الاجتماعي بملكية وسائل الإنتاج وعلاقات الإنتاج، الأمر الذي أدى إلى تكريس القبول شعبياً بقبول طبقة السادة التي تنتج الحكام، والطبقات الأخرى المحكومة التي يظل وضعها دونياً، ومصيرها بيد طبقة السادة.

٢- مصادرة النظام الجمهوري من قبل قوى اجتماعية وسياسية فشلت في حسم خيارات هذا النظام الوطنية، وتركت فراغات كبيرة تسلل منها ميراث "الإمامة" بشعارات إصلاحية، وأحياناً ثورية، استقطبت قطاعات واسعة من المجتمع.

استطاع هذا "الميراث"، بسبب غياب الدولة الوطنية، أن يقدم نفسه، بصور مختلفة، كمعارض في مواجهة الإخفاقات التي عانى منها النظام الجمهوري، وأن يعطل كل المحاولات التي جرت بعد ذلك لإصلاح النظام الجمهوري ويعيده إلى المسار الوطني.

وحينما بدا له أن المسار الوطني سيعصف بمشروعه الانقسامي الطائفي أخذ يعيد تشكيل قواعد مواجهته على أسس طائفية ومذهبية، بدعم من السلطة السياسية والعسكرية التي كانت تقود النظام الجمهوري.

لقد عملت سلطة النظام الجمهوري على تكوين بؤر صراع دينية مذهبية أخذت تتوسع وتنتشر وتتسلح على نحو لا يمكن معه إغفال ما كانت تهدف إليه تلك السلطة من مرامي تتعلق بإعادة صياغة الجمهورية بقواعد التوريث التي كانت قد غدت موضة في الأنظمة الجمهورية العربية. ومما لا شك فيه أن السلطات المستبدة انتهت بـ"الجمهورية" إلى مأزق فقدت فيه الحاضنة الشعبية بسبب التخريب الذي مورس بجوهر النظام الجمهوري باعتباره حكم الشعب نفسه بنفسه دون وصاية من جماعة أو عائلة.

ولكي تبقى عملية تغيير أسس النظام الجمهوري بعيدة عن أنظار الشعب، فقد دفعت السلطة بمعارك جرى استدعاؤها من أضابير التاريخ، وشجعت أطرافها على توليد الخطاب الديني الذي أخذ يكتسح الخطاب السياسي الوطني وينشئ معادلاته السياسية على الأرض، وأحياناً بقوة السلاح.

كان لا بد من مواجهة المشروع القادم من قلب المشكلة التي أصابت النظام الجمهوري بمشروع وطني يستعيد جوهر هذا النظام.. وهو المشروع الذي تشكل في ساحات ثورة فبراير، متجاوزاً مقاومة خطاب ديني عقيم لم يستطع أن يحمل مشروعاً سياسيا جامعاً، وهو الخطاب الذي ظل يستدعي الصراعات التي تشكلت بدوافع لا علاقة لها ببناء الدولة المعاصرة ونظامها القانوني الذي يحقق العدالة والحرية والمواطنة وإنما بمنازعات حول الفئة المؤهلة لدخول الجنة دون سواها من المسلمين.

كان اللقاء المشترك قد استطاع أن يبلور خطاباً سياسيا متوازنا لبناء الدولة المدنية، وهو الأمر الذي مهد لخروج مؤتمر الحوار الوطني بتلك الوثيقة التاريخية التي أفزعت كل القوى التي رأت في بناء الدولة الوطنية ونظام المواطنة تهديدا لمشاريعها.

سأكرر من جديد، خيار التوافق التاريخي الذي توصل إليه اليمنيون كان بمثابة تجميع لروافد الحكمة التي تناثرت عبر القرون.. والذين لم يستوعبوا هذه الحقيقة هم الذين ورطوا هذا البلد في اللجوء إلى خيارات الخراب التي استقر عليها حال البلد اليوم.

وفروا لبعضهم ظروف رفض ومقاومة المشروع الوطني بذرائع بدت متناقضة في شكلها الخارجي ولكنها متفقة في عناصرها الداخلية، وظلت تدعم بعضها في التصدي لحاجة الوطن وإن واجهت بعضها بعيدا عن الحاجة الفعلية لبناء واستقرار هذا الوطن.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد