حملتُ في يدي بعض أكياس الخضار والفواكة بعد شرائها ووضعتها في السيارة وحين هممت بالتحرك لمحت طفلتين تقلبان سلة توضع بها فاكهة تالفة.. نزلت وأمسكت بالطفلتين وطلبت من صاحب الفاكهة إعطاءهما ما تريدان على حسابي، سألت الطفلتين أين والدكما وماذا يعمل؟.. ردت إحدى الطفلتين: أبي جندي في الجبهة.. كان هذا الرد كصاعقة زلزلت كياني.. والد الطفلتين في الجبهة يقاتل من أجلنا جميعاً ومن أجل الدولة, من أجل الرئيس, من أجل الشرعية والحكومة والوزراء, من أجل الجمهورية, من أجل الدين والعقيدة، وأولاده في المدينة يأكلون من مخلفات الفواكه والخضار .. رباه.. ماذا يحدث لنا؟ أي عار سيلحقنا؟، عُدت بحديثي لصاحب بسطة الخضار والفواكه أن يلبي طلبات الطفلتين بشكل يومي.. عُدت إلى سيارتي.. أغلقت النوافذ وبكيت نعم بكيت على حالنا.. أتخيل أي عظمة وقوة إيمان لدى هذا الجندي الذي ترك أولاده وذهب للدفاع عن هذا الوطن متكلاً على الله أولاً وأخيراً.. طفلتان كالورود.. تبحثان في خجل عما يسد جوع أُسرة جندي بكاملها.. أستطيع القول هنا أننا كلنا وبلا استثناء خذلنا ذلك الجندي الذي لا نعرفه ولكنه يدافع عن أرواحنا جميعا بل ويضحي من أجلنا.. خذلنا الجندي والجيش حين سكتنا عن عدم قيام الحكومة بصرف مرتباتهم بانتظام.. حين سكتنا عن خذلان الحكومة للجيش وعدم مده بالسلاح والذخيرة وترك الجيش عرضة لابتزاز التحالف.. خذلنا الجندي حياً.. وخذلناه شهيداً حين لم نمنح أُسرته حقها في العيش الكريم.. خذلنا الجندي جريحاً حين تركناه يصرخ من الألم والقهر معاً جراء إهمال الحكومة.. حين خذلنا الجندي خذلنا معه كل شيء في هذا الوطن .. حين خذلنا الجندي والجيش .. قتلنا حلم عشرات الآلاف من النازحين «حلم العودة إلى ديارهم».. حين خذلنا الجندي والجيش .. خذلنا حلم ملايين من أبناء الشعب «حلم الخلاص من جبروت المليشيات الانقلابية في صنعاء وعدن». حين خذلنا الجندي والجيش، خذلنا حلم الآلاف من الأُمهات «عودة أبنائها المخفيين قسرياً والواقعين في قبضة المليشيات» حين خذلنا الجيش، خذلنا أنفسنا وقيمنا وجمهوريتنا وديننا.. خذلنا المساجد المدمرة من حلم بنائها والبيوت التي فجرت من إعادة إعمارها.. حين خذلنا الجيش خذلنا «ملايين الطلاب» الواقعة مدارسهم تحت سلطة الانقلاب الحوثي من حقهم في التعليم الوطني السليم وتركناهم فريسة لمشروع الطائفية والسلالية. حين خذلنا الجندي والجيش.. خذلنا حاضرنا ومستقبلنا.. خذلنا الوطن، نعم خذلنا الجيش والجندي والمقاوم والقبيلة التي قاتلت وضحّت من أجل العقيدة والثورة والجمهورية.. نعم.. لقد خذلنا كل هؤلاء وذهبنا لنتمسك بحكومة عبثت بموارد الدولة وإنفاقها على اللصوص وقطاع الطرق من المليشيات المسلحة.. حكومة أعضاؤها وزراء ونواب ووكلاء ومدراء عموم فاشلون انتهازيون جبناء, نعم جبناء وجبناء حين رفضوا العيش على تراب وطنهم وبلادهم تحت مبررات عقيمة سقيمة لايرددها إلا «انتهازيون». نعم انتهازيون حين أقرّوا لأنفسهم ما لا يستحقون من مرتبات باهظة بالدولار.. وتركوا الجنود والأبطال دون حقوق ومرتبات.. وتركوا النازحين سبيلاً لصدقات المنظمات الدولية.. كيف لايكون المسؤول انتهازياً وخائناً لمسؤوليته حين يترك الجيش الوطني والمقاومة والقبائل يخوضون معاركنا المقدسة ضد الانقلاب الحوثي دون أن تصرف لهم مرتباتهم.. ودون رعاية الجرحى.. ودون رعاية أُسر الشهداء.. إذا لم تقم الحكومة بتوفير ذلك للجيش الوطني والمؤسسة العسكرية والأمنية، خط الدفاع الأول عن كيان الجمهورية ومؤسساتها وأراضيها, فما هي مهمتها وماهي واجباتها الدستورية والقانونية؟!.. ندرك أننا نشهد حالة من الفراغ الأخلاقي والقيمي وانعدام المسؤولية داخل الحكومة، فأصبحت تتعامل بأدوات لامشروعة وتتخذ قرارت غير مشروعة وتزاول مهامها من أماكن غير مشروعة.. هذه الحكومة المبجلة التي تركت جيشها الوطني وجنودها البواسل دون مرتبات منذ ثمانية أشهر، وذهبت لتشرّع لنفسها صرف مرتبات خارج إطار القوانين المنظمة للخدمة المدنية، وحددت مرتبات خارج إطار قانون الأجور والمرتبات فشرعت لرئيسها قرابة ١٨ ألف دولار.. والوزير ٩ آلاف دولار ولنائب الوزير ٧ آلاف دولار وللوكيل ٦ آلاف دولار وللمدير العام ٣ آلاف دولار ولم تكتف هذه الحكومة والحكومات السابقة بارتكاب هذه المخالفة الجسيمة، ليصل الأمر إلى حد ارتكاب جريمة أخرى أنا أعتبرها رشوة قدمتها الحكومة للسلطة التشريعية، المعنية برفض هذا التجاوز الخطير.. فتم مساواة مرتب رئيس مجلس النواب بمرتب رئيس الحكومة, ومرتب نواب رئيس مجلس النواب بمرتبات نواب رئيس الحكومة، ومرتبات أعضاء مجلس النواب بمرتبات أعضاء الحكومة، لتكتمل صورة الجريمة والخرق الفاضح للدستور وقوانين السلطة التشريعية وقوانين الخدمة المدنية خاصة قانون الأجور والمرتبات.. وإذا كنّا نقف اليوم أمام تجاوز خطير تقوم بِه المؤسسة التشريعية والمؤسسة التنفيذية في سلطات الدولة نستطيع أن ندرك جيداً أننا أمام «حالة» من الانتهازية لقيادات هذه المؤسستين الهامتين «مجلس النواب والحكومة» لتقاسم أجور ومرتبات غير قانونية، بل وتعتبر حالة من حالات الاختلاس والسرقة غير المشروعة لأموال الشعب والدولة التي نحن في أمسّ الحاجة إليها لدفع مرتبات الجنود والأبطال من المقاومة والقبائل المرابطين في الجبهات من أجل تحقيق النصر واستعادة الدولة ومؤسساتها بتحرير العاصمة صنعاء والاقتصادية عدن.. اليوم وبصوت عالٍ يجب أن تزمجر أصواتنا وتتحرك المنظمات المجتمعية الحقوقية تطالب أولاً وفوراً: صرف مرتبات الجيش الوطني والمقاومة.. ثانياً: وقف هذا العبث بل الاختلاس العمد لأموال الدولة وحرمان الجيش أولاً وموظفي الدولة ثانياً من مرتباتهم بسبب هذا الفساد المرعب.. لايمكن أن نقبل بعد اليوم أن يظل الجندي دون راتب وأسرته تتضور جوعاً، والانتهازيون في الحكومة يعبثون بأموال الدولة, ولو رجعنا للدين والضمير وأخذنا مقاييس الشرع لوجدنا الشرع يقول لكم أن ما تتقاضونه أموال حرام لاتستحقوها.. اسألوا أنفسكم ماذا قدمتم لهذا الوطن حتى يستحق بعضكم مرتب يتجاوز ٦ ملايين ريال شهرياً.. يا الله كم أنتم لصوص..
من حقنا اليوم أن نحاسبكم ونجلدكم بسبب إخفاقاتكم في إدارة البلاد وإدارة معاركنا المقدسة، فشلتم سياسياً ودبلوماسياً في معركتنا مع إيران أمام المجتمع الدولي، وهاهي صنعاء مازالت في يد إيران وها هو الجنوب تسلمونه لإيران أيضاً عبر الوسيط الإمارتي، ولو بحثنا لكم عّن أي نجاح لن نجد سوى أنكم قد نحجتم في محاصرة الجيش الوطني فقطعتم مرتباته ومنعتم عنه السلاح والذخيرة ، كيما تجبروا أفراده على الذهاب إلى الحد الجنوبي للقتال كمرتزقة بـ «5000» ريال سعودي ويتخلى عن إيمانه في الدفاع عن وطنه ومعركتنا المقدسة ضد المليشيات الايرانية "الحوثية "..