على مدى ست سنوات من الحرب وقبلها أيضاً،عملت معظم القوى المختلفة، أو قل الحاقدة، على الفريق علي محسن الأحمر، نائب الرئيس الحالي، وقبل تعيينه في هذا المنصب، على تشويه صورته أمام الداخل والخارج ومحاولة النيل منه في كل فرصة مواتية وغير مواتية، والرجل يتفرج ويبتسم بصمت حتى وصل الأمر إلى أن بعض قادة الأحزاب "أبو ستة نفر وأبو شنطة" إلى تحريك كل أدواتهم الممكنة لتحميله كل فشل للشرعية والتحالف متناسين أنه هناك رئيس دولة وقيادة تحالف وعمليات مشتركة يقودها قادة وضباط رفيعين من السعودية والإمارات والكويت ومصر وبعض الدول التي تشارك في التحالف..
المهم أنه بعد ست سنوات من كل هذا العمل ومحاولات النيل من الجنرال محسن، صدمت هذه القوى بدراسة لواحدة من أهم المؤسسات البحثية الأميركية التي تعتمد عليها الإدارة الأميركية في صناعة القرار ورسم السياسة الخارجية للولايات المتحدة..
مؤسسة "راند" من لا يعرف هذا الاسم وهذه المؤسسة التي أطلقت مصطلحات "الحرب على الإرهاب والتطرف السني والشرق الأوسط الجديد والشرق الأوسط الكبير"، وغيرها من المصطلحات التي تحولت إلى سياسة وفعل تمارسه الإدارة الأميركية بقواتها مباشرة أو عبر تحالفاتها وحلفائها بصورة غير مباشرة..
في آخر دراسة لهذه المؤسسة البحثية الأميركية "راند" التي ناقشت خلالها "إمكانية تحول مليشيا الحوثي إلى حزب الله في اليمن واستثمار إيران للحوثيين"، خصصت "راند" في دراستها جزء مهم عن الفريق محسن أو "الجنرال العجوز" كما يحلوا للبعض أن يسميه، مع أنه يتمتع بصحة أفضل منهم، "ما شاء الله بعدين يقولوا مرعناه"..
المهم ذهبت دراسة مؤسسة "راند" في بعض هذا الجزء إلى القول بأن الفريق الركن علي محسن صالح هو "أحد القيادات المتبقية على الأرض والرقم الأفضل لقيادة التقدم نحو صنعاء"، وذو علاقات متينة مع الرياض. وفي هذه النقطة بالذات تذكرت كم وسيل من المقالات والفيديوهات والتحليلات لمجموعة أشخاص حاولوا قدر استطاعتهم النيل من هذه الشخصية الوطنية، الذي لم يرد على أحد إلاّ بالابتسامة حتى مع خصومه، وتأكد لي أن الهدف كان واحداً للجميع إلاّ أن الدوافع مختلفة فالبعض كتب وتحدث بدافع الانتقام والآخر بدافع الابتزاز وآخرين يبحثون عن الشهرة أمثال "ولا بلاش والله ما يستحقوا يشتهروا"..
"راند" أكدت في دراستها إن خسارة الحوثيين للأرض ستتم أيضاً بإعادة تشكيل شبكة صالح من قبل حكومة الجمهورية اليمنية واعادة بناء جيشها من قبل قوات التحالف. ولكي يحصل هذا، يحتاج شخص ما أن يشغل مكان صالح في القيادة ويحشد الحرس القديم التابع للمؤتمر الشعبي العام، ورأت الدراسة أن نائب رئيس الجمهورية في الحكومة اليمنية الفريق الركن علي محسن الأحمر، شخصية محتملة تستحق المراقبة”.
وقالت الدراسة إن الفريق الركن علي محسن الأحمر قد يكون "الزعيم لتوحيد المؤتمر الشعبي العام"، مضيفة: "تعود علاقات علي محسن مع المؤتمر الشعبي العام إلى فترة تأسيسه، وعلي محسن، الحليف الطويل لصالح ، ليس فقط مهندس أجهزة المخابرات في اليمن الحديث لكنه يتمتع أيضًا بعلاقات قوية مع الرياض ومع الإسلاميين السنة في الحكومة، وأحد الخيارات القليلة المتبقية على الأرض، وربما الشخصية التي لديها أفضل الفرص لقيادة الزحف على صنعاء".
وأكدت الدراسة أن دعم وحدات الجيش لـ علي محسن الأحمر علاوة على الدعم الكبير من القبائل، وقالت: "علي محسن يتمتع بدعم ليس فقط من الوحدات الخاضعة لسيطرته في الجيش الوطني اليمني لكن كذلك من قبائل الشمال وستكون هذه القبائل حاسمة إذا كانت قوات علي محسن تأمل في تحرير صنعاء".
هذا ما خلصت إليه مؤسسة "راند" المعروفة لدى الجميع بدقة تحليلاتها والمعطيات التي تعتمد عليها في تقديم دراساتها البحثية لوزارة الدفاع والخارجية وأجهزت المخابرات في الولايات المتحدة الأميركية لتتمكن الأخيرة من الاستفادة لما يأتي في تقارير ودراسات وأبحاث "راند" قدر الإمكان وتحويلها إلى خطوات عملية.. وبعدين يجي واحد من شلة "الانتقام أو الابتزاز أو البحث عن الشهرة" ويقول غيروا علي محسن ونهم وتعز ومدري أيش ستتحرر..
لكن إذا أردنا أن نكون واقعيين فالرجل يتحمل جزء من المسؤولية منذ توليه منصب نائب الرئيس، وأمام هذه المسؤولية ثمة أسئلة يجب أن تطرح، هل اتيحت للرجل الامكانات لخوض معركة حسم ناجز؟ هل رفعت عليه قيود التحرك في أوساط جميع القوى بما فيها المؤتمر، ولم توضع أمامه العراقيل والتطاول عليه من قبل أشخاص سخرتهم أجهزة ومكنة وأحزاب معروفة لصالح من تعمل؟
لكن في المقابل هل عمد الجنرال محسن في عدم استغلال كل قدراته طوال هذه الفترة لدرجة أنه دفع الكثير إلى القول أنه لم يعد قادراً على تحريك الأدوات التي يمتلكها في الجيش بإمكاناته الحالية، ولدى القبائل، وهل تعّمد الرجل التواري عن المشهد العسكري لحين وقت معين أو لحين تأكده بأن الجميع بات جاد في خوض معركة الحسم ضد إيران والحوثي في اليمن بعيداً عن معارك الاستنزاف؟
هل لازال يمتلك الجنرال محسن فعلاً، كما أشارت راند، الأوراق التي تقود الجيش إلى صنعاء وتوحد المؤتمر وتلملم حرس صالح القديم؟ أسئلة بحاجة لحوار جريئ مع الجنرال محسن مع أن الحوار قد يضطره لكثير من الدبلوماسية ويبتعد عن المكاشفة الحقيقة.. لذا الإجابة الحقيقية لهذا الأسئلة ستترجمها قادم الأيام خاصة بعد الانتخابات الأميركية.. سلام