مشكلتنا اليوم المزمنة والكارثية تكمن في حالة اللامسؤولية لدى قيادة الشرعية.. مشكلتنا اليوم أن الرئيس لا يمارس صلاحياته كرئيس، ونائب الرئيس لا يمارس صلاحياته كنائب رئيس، ورئيس الحكومة لا يمارس صلاحياته كرئيس للحكومة, ولا الوزير يتحمل مسؤوليته كوزير في حكومة ودولة..
مشكلتنا الأعمق والأكثر كارثية أن الأحزاب لم تعد تُمارس دورها كأحزاب سياسية وقوى وطنية حية معنية بكل ما يجري تجاه هذا الوطن المنهك والمشتت اليوم جغرافياً وإنسانياً..
مشكلتنا اليوم والأكثر عمقاً أن مجلس النواب رئاسة وأعضاء سقطوا أخلاقياً وسياسياً وتخلوا عّن دورهم الدستوري في اتخاذ مواقف جادة ووطنية تجاه العاصفة التي تدفع باليمن نحو الانهيار الكبير..
مشكلتنا اليوم أن مستشاري الرئيس تحولوا من هيئة استشارية عُليا معنية بدراسة كل كوارثنا، ووضع الحلول لها وفق دراسات وأبحاث استراتيجية تُقيّم حالة الاعوجاج في مسيرة حربنا ضد الانقلاب الإيراني والعمل على إعادته إلى مساراته الطبيعية..
مشكلتنا الأعمق والأكثر عمقاً أيضاً عدم مصداقية القيادة من الرئيس حتى أصغر مسؤول قابع في فنادق الرياض والقاهرة والدوحة وأسطنبول وسلطنة عُمان.
مشكلتنا أننا أقنعنا الأشقاء بأننا غير صادقين مع أنفسنا.. فمارسنا الدسائس على بَعضنا البعض..
ذلك إخواني إصلاحي..
والآخر دانق عفاشي..
والثالث طابور خامس..
مشكلتنا أيضاً أن الرئيس ذاته أغلق على نفسه الأبواب وترك الصفوف تتناثر وتتطاير، فأغلق في وجه الجميع مظلته الجماعية وترك القوى السياسية في شتات بلا رؤية وفِي حيرة من أمرها فاستجابت لأطماعها ومصالحها الدنيئة..
مشكلتنا اليوم ليس تدخل السفير السعودي في كل شاردة وواردة، ولا تدخل غيره من السفراء.. بل مشكلتنا في الرئاسة والحكومة وقادة الأحزاب التي قدمت كل قيادات الدولة لسعادة السفير للتعامل معها بعيداً عّن مؤسسات الدولة..
نشكي اليوم ونبكي رئاسة وحكومة وأحزاب وجيش من تحكم السفير السعودي بكل شيء في اليمن, مؤسسات وأحزاب وإعلام .. ونحن من قدم له كل شيء لفعل هذا..
قدمنا له كل شيء ليتحكم بِه حين كانت الرئاسة ترسل له وللجنته الخاصة كبار قادة الدولة وكبار قادة الأحزاب وكبار الشخصيات الاجتماعية مذيلةً بتوصيات خطيّة تُزكي هذا وتطالب بدعم تلك من القيادات في الدولة باعتبارها مصدر ثقة, وأن لا مانع من أن يتعامل معها السفير مباشرة ولجنته الخاصة، وقيسوا على ذلك قيادات الأحزاب والمشائخ والإعلاميين وغيرهم..
لا توجد دولة في العالم تجند كل مؤسساتها لتعمل لدى جهات أجنبية مثلما عملت قيادتنا في الرياض بلا استثناء. سلموا كل شيء لسعادة السفير حتى مدراء مكاتبهم..
عملوا كل ذلك - حسب قولهم - ليجسدوا الثقة والشراكة مع الأشقاء..
أقولها حقيقة أن الأشقاء أجادوا استدراج قيادة الدولة إلى فخ انتزاع الإرادة..
واليوم ماذا بعد كل هذه الكوارث؟ هل من نقطة ضوء في هذا النفق المظلم لكي نخرج إلى مسار التصحيح..
الإجابة أقولها وبثقة نعم هناك مسار واحد سيقودنا نحو نقطة ضوء للخروج من هذا النفق المظلم..
لا نملك اليوم غير مسار واحد وهو أن نكون صادقين مع الله أولاً ومع وطننا ثانياً ومع أنفسنا ثالثاً ورابعاً وخامساً..
وأن نكون صادقين في تقييم طبيعة علاقتنا مع الأشقاء في المملكة بما يعزز تحقيق أهداف استعادة الدولة وإنهاء الإنقلاب الإيراني الحوثي..
المسار الوحيد هو أن نكون صادقين مع مصلحة وطننا فنرفض ما يهدد وحدة بلادنا ووجودية الدولة، ونرفض كل ما يقوّض سلطات الحكومة ويعزز نفوذ المليشيات، نرفض بقاء الرئيس في الخارج والحكومة، نرفض ابتزازنا سياسياً من قبل أشقائنا لإنقاذ اقتصادنا، نرفض أن نبقى دولة بلا كرامة وشرعية, بلا سُلطة وجيش, بلا سلاح!!
ما نحتاجه اليوم وبكل وضوح إرادة الرفض وصوت المعارضة الوطنية..وصحوة ضمير.. وقبل كل ذلك العودة إلى الله فهو العون لنا أولاً وأخيراً..
فهل نستفيق؟!!..