اخترقت السلفية الوهابية جماعة الاخوان المسلمين ونقل قادتها الذين درسوا في السعودية كثير من الأفكار السلفية إلى عمق الاخوان خاصة ما يتعلق بالمظاهر الشخصية اللبس واللحية ، بل أصبحت الجماعة إلى ما قبل 2011 محتواة من قبل السعودية .
مالذي دفع الرياض للاصطدام مع أكبر جماعة سنية في العالم وتمويل انقلاب ضدها في مصر، رغم قدرتها على جعلها ذراعا لصالحها تؤدب به جماعات الاسلام الشيعي الموالي لإيران ؟
هناك عدة أسباب وكلها من وجهة نظر شخصية وليست وفق دراسة منهجية أهمها :
١) الربيع العربي أعطى مؤشرا واضحا أن الجماعة باتت تنظر لذاتها أنها مرجعية السنة في العالم الاسلامي وبالتالي خرجت عن سيطرة الدوائر المخابراتية خاصة بعد اصرارها خوض الانتخابات والمنافسة على منصب الرئاسة والفوز به .
٢) سبق ذلك تمرد بعض أجنحة الاخوان بالذات الفلسطينية سواء حماس أو التنظيم في المهجر عن توجه الجماعة الكلاسيكي الذي أصبح أقرب للسلفية وفِي جيب السعودية ، خاصة وأن هذه التنظيمات كانت تبحث عن شراكات دولية لدعم القضية الفلسطينية .
٣) تمكن أجهزة المخابرات الدولية من رسم صورة مغلوطة عن خطر الاسلام السني الحركي على مستقبل الانظمة الوراثية بالذات الخليج، وأدى ذلك الى تغلغل اللوبي الشيعي في منظومة صناعة القرار لدى الكثير من الدول العربية، وهذا اللوبي يرى أن التنافس على الجمهور العربي والاسلامي هو مع الاخوان وليس الانظمة ولذلك فان أي مواجهات بين الانطمة والاخوان سيكون استنزاف لصالح الحركات المدعومة إيرانيا.
٤) لعبت اسرائيل دورا كبيرا في تأجيج المخاوف من حركات الاخوان و حركات إيران لكسب الانظمة العربية بالذات الخليجية بحجة حمايتها وتمرير مشروع التطبيع الاستراتيجي .
٥) شعرت السعودية ومعها دول الخليج بخطر خارطة الشرق الأوسط الجديد القائمة على الفوضى المتحكم فيها ( الفوضى الخلاقة) لاعادة ترتيب المنطقة وتقسيمها، ويرون أن الاخوان يمكن أن يكونوا الاداة لذلك فاستبقوا ضرب الجماعة وهو ما أدى فعلا الى خلق حالة انتقام حيث اصبح اخوان مصر يَرَوْن في السعودية عدوا رئيسا لهم في المنطقة .
٦) بعد 2011 بدأ ظهور النفوذ التركي كمنافس جديد الى حانب إيران على النفوذ في المنطقة ، وكانت زيارة اردوغان الى مصر بعد فوز مرسي السبب الرئيسي لاعتقاد السعودية أن جماعة الاخوان اتخذت قرار التحالف مع أنقرة التي يعتبرونها أخطر عليهم من طهران .
٧) الخلافات الخليجية الخليجية كانت جزء من المشكلة فاحتواء قطر للأخوان بعد الربيع العربي كان دافعا للسعودية لتأديب قطر من خلال مواجهة الجماعة .
٨) يبدو هناك مؤشرات للأسرة الحاكمة في السعودية على أن تيار الاخوان داخل المملكة غير قابل بسياستها سواء ما يتعلق بانتقال الحكم دون انفتاح أكثر بشأن صناعة القرار كاجراء انتخابات أو من خلال المواقف الاقليمية مثل التطبيع والعلاقة مع الامارات التي سبقت السعودية في الاصطدام بالاخوان .
٩) تأثير أبوظبي على الرياض في كثير من الملفات ومن ضمنها ملف الاخوان خاصة بعد التحالف الاستراتيجي الذي بدأ في عهد الملك عبدالله واعيد صياغته بشكل أقوى من قبل ولي العهد محمد بن سلمان .
١٠) تدرك السعودية خطة الدول الكبار التوجه لتقسيمها ولذلك هي تبحث عن هامش للمناورة من خلال ابراز خطر الجماعات الاسلامية السنية والشيعية.
استغلت اطراف دولية أهمها اللوبي الاسرائيلي الاماراتي ذلك في دفع هذه الجماعات للمواجهة العسكرية في المنطقة لضمان استمرار الدعم للأنظمة، وهذا كان فرصة لايران في الوصول الى اقرب نقطة من السعودية لتهديدها، بينما خطط دفع الاخوان للمواجهة مع السعودية فشل ولازال هناك محاولات لاختيار أرض وزمن المعركة معها من قبل ذلك اللوبي.
هناك كثير من الاسباب الأخرى التي يفهمها الباحثون المتخصصون ولَم أتمكن من ايرادها لقصور فهمي لتأريخ الصراع بين الانظمة العربية وجماعة الاخوان المسلمين .