هذا الإرباك الذي تعاني منه الشرعية متوقع بعد اتفاق الرياض، كما كان الانقلاب متوقعا بعد مؤتمر الحوار الوطني.
التفاوض مع جماعات مسلحة فوق الثوابت الوطنية والقانون والدستور يؤدي دائما لشرعنة الميلشيات، وإضعاف قرار الدولة، ومن ثم الصدام العسكري.
رعى الرئيس السابق علي عبد الله صالح ونظام الدولة العميق في الفترة الانتقالية بين عامي 2012 و2014 الحركة الحوثية شعبيا وعسكريا، ومثل لتمردها ضد الدولة غطاء سياسيا ومجتمعيا، حتى تمكنت من وضع يدها على مفاصل الدولة المدنية والعسكرية وسيطرت على العاصمة صنعاء بدعم إقليمي من إيران.
ذات القصة تتكرر ونحن نرى أن فصائل من الحزبين الحاكمين سابقا يمثلان الدولة العميقة المخترقة من الإمامة وحلفائها الجدد من الأحزاب الأخرى الموالية لسياسة الإمارات الإقليمية، تضع اتفاق الرياض مبررا لإسقاط الدولة بعد أن شكلت بدعم أبو ظبي ميلشيات وأجنحة وفصائل مسلحة طردت الحكومة من عدن 2019.
إن تكرار ذات السيناريو يعطينا مؤشرات مهمة:
أولا: المشكلة الأساسية أن قيادات من النظامين السابقين تعتقدان أن عودتها للحكم يأتي من بوابة إسقاط مشروعية الرئيس هادي والدولة التي يقودها بأي وسيلة بما فيها التمرد المسلح، وليس من بوابة استقرار الدولة وإنهاء الانقلاب والذهاب لانتخابات والقبول بنتائجها.
ثانيا: تنظيم الإمامة تنظيم عميق موجود في كل المكونات ولَم تعد واجهته الحركة الحوثية المصنفة على قوائم الإرهاب الأمريكية فقط، بل وجد هذا التنظيم في العميقين الحزبيين البيئة الملائمة لتكاثر فيروساته.
ثالثا: التنافس الإقليمي على اليمن واضح، فكما رعت إيران تمرد وانقلاب صالح والحوثي بصنعاء، واستفادت منه، رعت الإمارات تمرد وانقلاب الانتقالي وحلفائه للاستفادة منه، وهو تقويض واضح للجمهورية اليمنية وحليفها الإقليمي السعودية.
رابعا: تكرار تجربة الرئيس هادي وحلفائه في حزبي المؤتمر والإصلاح، وبضغط الحليف الإقليمي السعودية لإيجاد حلول مؤقتة للتمردات العسكرية؛ شرعن لها وجعل قرارات الرئيس مرهونة بموافقة أو رفض ميلشيات تفرض واقعا مسلحا على الأرض، وتعلن أهدافا ضد الدولة التي قبلت المشاركة في تشكيل حكومتها، وكأن الهدف من المشاركة الحصول على الغطاء السياسي والمشروعية لبناء كيان موازي للدولة في عدن كما هو كيان الحوثيين في صنعاء.
ماذا يفترض بالرئيس وحلفائه المحليين والإقليميين العمل الآن قبل الطرد النهائي للحكومة من عدن وفقدان مشروعية الجمهورية اليمنية في ثاني عاصمة له :
١) تجهيز حضرموت أو شبوة عاصمة بديل كاحتياط ودعوة البرلمان بغرفتيه النواب والشورى للانعقاد العاجل.
٢) تحويل الطعن في المناصب والقرارات الحكومية الإدارية وقرارات التعيين إلى القضاء.
٣) الضغط لتسلم الحكومة أمن وحماية العاصمة المؤقتة عدن لحماية الحكومة.
٤) اصدار قرارات دمج الفصائل والميليشيات المسلحة في كل مناطق الشرعية في الأجهزة الأمنية والجيش.
٥) الضغط على الإمارات في إيقاف دعم التمرد والانقلابات من خلال السعودية .
٦) سرعة عمل معالجات اقتصادية وإنسانية للبلاد مع بدء سريان قرار تصنيف الخارجية الأمريكية للحوثيين كمنظمة إرهابية.
٧) ترتيب الجبهة العسكرية ضد جماعة الحوثي كحركة إرهابية وتحريكها لتحرير البلاد لأن إعادة البوصلة للعدو الرئيسي الإمامة والإرهاب وحلفائهما، يعالج المشاكل الداخلية ويكشف خلاياهما داخل الشرعية والتحالف.
٨)عقد تفاهمات بالاتفاق مع السعودية مع شركاء اقليميين مثل مصر وتركيا لتغطية الفراغ الذي ستتركه الإمارات وتوفير الحاجة العسكرية والاقتصادية للمعركة الأخيرة.
بدون ذلك ستذهب عدن بعد صنعاء وستذهب مدن أخرى بعد ظهور تمردات وانقلابات جديدة، وسيتوسع نفوذ إيران أكثر في اليمن والجزيرة العربية.
عناوين فرعية: -
1- التفاوض مع جماعات مسلحة فوق الثوابت الوطنية والقانون والدستور يؤدي دائما لشرعنة الميلشيات.
2- قيادات من النظامين السابقين تعتقدان أن عودتها للحكم يأتي من بوابة إسقاط مشروعية الرئيس هادي والدولة.
3- تنظيم الإمامة تنظيم عميق موجود في كل المكونات ولَم تعد واجهته الحركة الحوثية المصنفة على قوائم الإرهاب الأمريكية فقط.
4- الحلول المؤقتة للتمردات العسكرية؛ شرعن لها ويجعل قرارات الرئيس مرهونة بموافقة أو رفض الميلشيات وتفرض واقعا مسلحا على الأرض.
5- إعادة البوصلة للعدو الرئيسي الإمامة والإرهاب وحلفائهما، يعالج المشاكل الداخلية ويكشف خلاياهما داخل الشرعية والتحالف.