التعاطي مع الأمور بهذه السطحية، كارثة نخبوية يمنية تنبيء عن القعر الذي أصولتنا له هذه النخبة الكارثية، على مدى عشرين عاما، و ما يمثله غياب الأولويات وعدمية القضايا ذات النقاش، حيث أسهمت هذه النخب وبهذه السطحية بعودة الإمامة بعد نصف قرن.
فأولا : بخصوص مطالبة مجموعة من البرلمانيين برفع العقوبات عن أحمد علي موضوع في قمة السطحية السياسية، ولا له أي علاقة بالأزمة والحرب اليمنية الراهنة باعتبار هذه الخطوة تعد إسهاما في إطار المعركة الوطنية للإنتصار على المشروع الحوثي الطائفي، وكأن أحمد علي اليوم في قيادة هذه المعركة ولا يعرقله سوى رفع اسمه من قائمة العقوبات الدولية.
صحيح لم يعد لنا مشكلة مع أحمد علي شخصيا، ولم تعد تربطه أي علاقة بالأزمة اليمنية الراهنة عمليا كما يفترض ، إلا أنه للأسف لايزال مُعترف بسلطة الحوثي الإنقلابي بصنعاء التي يعمل ضمنها نائبا لرئيس مؤتمر أبو رأس بصنعاء، مؤتمر الحوثي، الذي يقدم خدمات مجانية للحوثي أمام المجتمع الدولي، باعتبار الحوثي سلطة ديمقراطية تقبل بالتنوع والتعدد وبالتالي هذا يجعله ضمن معسكر الحوثي لا معسكر الشرعية.
ثانيا: كان يفترض أن يسعى هؤلاء البرلمانيون لعمل شيء ذي قيمة لدعم معركة التحرر، ضمن معسكر الشرعية كأن يسعوا في خطوتهم هذه مقابل إعادة الأموال اليمنية المنهوبة والتي ذكرت ضمن تقارير وقرارات أممية سابقة، وذلك للإستفادة منها اليوم في معركة مواجهة الحوثي وهي أموال طائلة حتما ستسهم في رفد المعركة بالسلاح النوعي والحاسم لإسقاط مشروع الحوثي الذي استفاد من كل ما بناه صالح طوال فترة حكمه.
ثالثا: أحمد علي ذات نفسه، لم يعد له أي علاقة أو طموح بالشأن العام مطلقا، وهو راجع لتقديراته الشخصية لذاته وقدراته السياسية، ولا أدل على ذلك من موضوع مقتل والده بتلك الطريقة والذي لم نسمع له كلمة واضحة تحدد المتهم بالقتل وطبيعة الرد وكأن صالح مات بالكورونا ولم تقتله مليشيات يعرف العالم كله هذه الحقيقة التي صمت تجاهها أحمد علي صمت القبور.
رابعًا، ما يهمنا هنا هو توحيد الجبهة الوطنية تجاه لمشروع الحوثي، وهذا لن يتأتي من التناولات السطحية والمجاملات غير ذات قيمة، لكيفية هذا التوحد والذي يتطلب مكاشفات ومراجعات حقيقية حول طبيعة المعركة وثوابتها الوطنية المتمثلة بالشرعية كرأس وغطاء لهذه المعركة وأن الإعتراف بها هو أول خطوات توحيد الصف الوطني وما غير ذلك مجرد شغل سبهلة وسخافات لا قيمة لها في هذه المعركة.. الإعتراف والعمل ضمن الشرعية الراهنة هو الباب لوحدة الصف الوطني أولا وأخيرا، كيفما كانت هذه الشرعية، والإعتذار عن كل ما ساهم في إسقاط اليمن في هذا المستنقع ولا يكون الإعتذار إلا من باب رد كل ما له علاقة بالاعتبار لليمن ودولتها وحقوقها ومعركتها. غير ذلك اعتقد شغل علاقات عامة وتمليسات لن تٌقدم ولن تٌأخر في هذه المعركة.
ما قبل الختام ، بحسب معلوماتي كان مطلوب من أحمد علي كتابة مذكرة للرئيس هادي يطالبه بمخاطبة مجلس الأمن والجهات المعنية لرفع إسمه من قائمة العقوبات فرفض ذلك مطلقا في دلالة واضحة لرفضه الاعتراف بشرعية هادي والشرعية اليمنية عموما ، فكيف يتسنى بعد ذلك الحديث عن مصالحة وطنية مع هكذا عقول ونفسيات صغيرة .
ختاما، قد يكون في كلامي بعض القسوة لكن الحقائق المرة وحدها من يضع المعالجات الحقيقية بعيدا عن المجاملات والعلاقات العامة، المكاشفات هي الخطوة الصحيحة لأي مصالحة وطنية حقيقية بعيدا عن التوظيف الرخيص لهذه المناكفات مع هذا الطرف أو ذاك في سوق الاستقطاب السياسي الرخيص على حساب قضيتنا ووطننا.