اعترفت إسرائيل، فجر الأربعاء 7 أبريل/ نيسان الجاري، بأنها وراء استهداف السفينة الإيرانية (سافيز ) في البحر الأحمر، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، التي نقلت عن مسؤول أميركي أن إسرائيل أبلغت المسؤولين الأميركيين بأنها هاجمت السفينة الإيرانية (سافيز).
وأضاف هذا المسؤول: «قال مسؤولون إسرائيليون إن الهجوم جاء ردا على هجوم إيران على السفن الإسرائيلية».
وفيما نفت الخارجية الأمريكية أي صلة لها باستهداف السفينة الإيرانية (سافيز )، في البحر الأحمر، أكد البنتاغون أن لا معلومات لديه بشأن حادثة السفينة الإيرانية، ولا علاقة للقوات الأمريكية بها.
التصريحات الأمريكية أكدت أن واشنطن حريصة على فتح صفحة جديدة من العلاقات مع إيران، خاصة وأنها تخوض تجربة جديدة من المفاوضات مع إيران في فيينا، بوساطة أوروبية لترتيب العودة الأمريكية للاتفاق النووي الإيراني، ورفع العقوبات المفروضة على إيران، مقابل امتثال إيران ببنود الاتفاق النووي.
حرب السفن بين إسرائيل وإيران ليس بالأمر الجديد، ولكن الجديد أن هذا الاستهداف تم لسفينة إيرانية ترسو قبالة السواحل اليمنية، فما دلالات هذا الاستهداف؟
وما أهداف إسرائيل من وراء هذا الاستهداف؟
وهل للسعودية دور في تسهيل هذا الاستهداف؟
تساؤلات سنجيب عنها في هذا التحليل:
ضربات خاطفة
تواصل حرب السفن بين إسرائيل وإيران ليس بالأمر الجديد، فقد كشفت صحيفة «وول ستريت» الأمريكية، يوم الخميس 11 مارس/ آذار الماضي، أن إسرائيل استهدفت، منذ عام 2019م، 12 سفينة يعتقد أنها كانت تنقل نفطا إيرانيا. وفي يوم 12 مارس /آذار الماضي، تعرضت سفينة الحاويات الإيرانية (شهر كرد) لأضرار طفيفة في البحر المتوسط، ليتهم في اليوم التالي المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد زادة، إسرائيل باستهداف السفينة الإيرانية، مؤكدا أن ذلك يشكل «انتهاكا سافرا للقانون الدولي وقانون البحار».
كما اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في 25 مارس الماضي، إيران بالوقوف وراء استهداف السفينة الإسرائيلية في بحر العرب، وهدد بالرد، وقد جاء استهداف إيران للسفينة الإسرائيلية ردا على استهداف إسرائيل لسفينة إيرانية في البحر الأبيض المتوسط كانت في طريقها إلى سوريا، وكانت تحمل مشتقات نفطية لسوريا.
وتعد حرب السفن جبهة مفتوحة بين إسرائيل منذ 2019، ولكنها تظل في إطار الضربات المتبادلة بين البلدين في البحار البعيدة، وفي إطار الاستهداف والرد المضاد، الذي يتسبب عادة بأضرار طفيفة دون خسائر كبيرة وإصابات بشرية، ولن يتطور الأمر إلى تصعيد أكبر لحرص البلدين على عدم الانجرار إلى مواجهات أكبر تؤثر على مصالح البلدين.
ما الدلالات؟
الجديد في حرب السفن المستمرة بين إسرائيل وإيران أنها وصلت هذه المرة إلى سواحل اليمن، حيث طال الاستهداف الإسرائيلي السفينة الإيرانية (سافيز)، التي أكدت الحكومة اليمنية مرارا بأنها تعد «مركز قيادة، وسيطرة، ووسيلة دعم وتواصل واتصال السلطات الإيرانية مع الحوثيين، وتقوم بأعمال إجرامية وإرهابية تجاه الصيادين اليمنيين والمجتمع اليمني ككل، والإقليم، سواء بدعم المليشيا الحوثية أو تهديدها المياه الإقليمية اليمنية والدولية».
استهداف إسرائيل السفينة الإيرانية، في البحر الأحمر، محاولة إسرائيلية لتسويق التوجه الإسرائيلي بمواجهة إيران في المنطقة، حيث تسعى إسرائيل إلى تشكيل جبهة عربية تواجه النفوذ الإيراني في المنطقة، وإقناع الدول الخليجية -وعلى رأسها السعودية- بأنها جادة في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، حيث تأتي هذه العملية بعد أيام من إعلان واشنطن عزمها سحب قواتها من الخليج، وانطلاق المفاوضات الأمريكية- الإيرانية في العاصمة النمساوية (فيينا) بوساطة أوروبية، وبعد توقيع اتفاق الشراكة الإيرانية - الصينية في طهران يوم 27 مارس/ آذار الماضي، وكلها عوامل تؤكد على تغير موازين القوى في المنطقة لصالح إيران وحلفائها، وهنا تسعى إسرائيل لإقناع العرب بأنها هي من ستقود الجبهة العربية لمواجهة نفوذ إيران في المنطقة، وتدخلاتها، حتى وإن انحازت الصين لإيران، وفتحت الولايات المتحدة صفحة جديدة معها.
هل سهلت السعودية العملية؟
في إطار السعي الإسرائيلي لإقناع الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية، بتشكيل تحالف إسرائيلي - عربي ضد إيران، فلا يستبعد أن تقوم الاستخبارات السعودية بتسهيل العملية كنوع من التعاون بين الرياض وتل أبيب. والملفت للنظر أن البحرية السعودية قامت، في 6 يونيو/ حزيران 2019 م، بإخلاء أحد أفراد طاقم السفينة الإيرانية (سافيز)، المتواجدة في البحر الأحمر، إلى المستشفى العسكري بجازان، ونشرت وكالة الأنباء السعودية (واس)، يومها، فيديو يوضّح ما أسمته الوكالة بـ»المعاملة الإنسانية» للسعودية مع طاقم سفينة «سافيز» الإيرانية، وهو ما يؤكد أن البحرية السعودية على اطلاع كافٍ بموقع السفينة الإيرانية، وطبيعة عملها، ومن المحتمل أنها قدمت معلومات وتسهيلات للبحرية الإسرائيلية لإنجاح استهدافها، إذ من المستبعد أن تقوم إسرائيل بعملية كهذه دون إشعار وإبلاغ الرياض بها، إذ تعد السواحل اليمنية -خاصة في البحر الأحمر- مناطق خاضعة للتحالف بقيادة السعودية، وهو ما يتطلب التعاون والتنسيق معها بهذا الخصوص.
هذا التعاون الإسرائيلي - السعودي المحتمل قد يعد مؤشرا على قناعة الرياض بقيادة إسرائيل لجبهة عربية ضد إيران، وتدشين التعاون بين استخبارات البلدين، لاستهداف النفوذ الإيراني في المنطقة، ولو بضربات محدودة ومدروسة.
* عن موقع قناة بلقيس