;
محمد مصطفى العمراني
محمد مصطفى العمراني

‏في اللحظة قبل الأخيرة ! 901

2021-06-05 05:26:43

حين فزت بالجائزة الأولى في مسابقة القصة القصيرة والتي نظمتها مؤسسة الإبداع الشبابي بدولة الكويت بدأ الناس ينتبهون إلى أن ما أكتبه من قصص قد يكون له قيمة حقيقية ، ولأني الفائز بالجائزة الأولى فقد كانت القيمة المالية للجائزة كبيرة ، فرحت بالمبلغ المالي لكني بعد حساب قائمة الطلبات التي جهزتها الزوجة والأطفال وبعض الأقارب وجدت أن المبلغ قد أنتهى بالفعل ، بقيت لي القيمة المعنوية للجائزة فهي هي أول اعتراف بموهبتي وتقدير حقيقي لها ، إضافة إلى كونها ستسوقني كقاص في العالم العربي فحفل تسليم الجائزة سيحضره الكثير من المبدعين والمسؤولين والإعلاميين ، وسيعرف الناس أخيرا أن هناك قاص يمني اسمه : محمد مصطفى العمراني .

سافرت إلى الكويت وتسلمت الجائزة ودرع التكريم و100 نسخة مطبوعة من مجموعتي القصصية الفائزة .

بعد عودتي من الكويت وبعد أن كتب الكثير من النقاد عن مجموعتي القصصية ، أتصلت بي دار نشر لبنانية مرموقة وطلبت مني نشر مجموعة قصصية جديدة لي ، وبالفعل كنت قد كتبت بعض القصص ولكن الدار طلبت 15 قصة قصيرة على الأقل ، وكان يمكنني أن أعتذر ولكن المبلغ الذي عرضته الدار مقابل نشر القصص بشكل ورقي والكتروني جعلني أتحمس للكتابة ، زوجتي وأطفالي يحلمون منذ سنوات بأن نشتري سيارة، وعندما أخبرتهم بالعرض الذي تلقيته هجم علي الأطفال يقبلوني ويناشدوني : 

ـ وافق يا بابا أرجوك من أجلنا . 

ـ نشتي سيارة يا بابا .

ـ الله يحفظك يا بابا وافق .

وافقت ورأيت الفرحة في وجوه الأطفال ، أخيرا سأحقق لهم ما يسعدهم .

أبلغت الدار موافقتي فأرسلت لي عقد الاتفاق ونصف المبلغ دفعة أولى فقمت بتوقيع العقد وإرساله إليهم ، وتمكنا من شراء سيارة مستعملة ولكنها شبه جديدة وبقينا لمدة أسبوع نتمشى بها في شوارع صنعاء وضواحيها ، ثم انتبهت إلى أن آخر موعد لتسليم القصص هو آخر الشهر الحالي ولم يبق منه سوى 19 يوما ، وحينها قررت التفرغ للقصص .

فتحت الحاسوب وبدأت بمراجعة القصص التي كتبتها ولم تنشر بعد فوجدتها خمس قصص فقط ، قرأتها كأنني قارئ عادي لا صلة له بها ، ثم قمت بإعادة صياغة بعض العبارات وحذف الحشو والكلمات الغير ضرورية ومراجعتها لغويا وبقيت عشر قصص علي كتاباتها خلال 18 يوما وفي الثلاث الأيام الأولى حاولت الكتابة فلم أستطع .!

كان جو البيت المشحون بصياح الأطفال وعراكهم وزيارات نساء الجيران للزوجة مع أطفالهن وكذلك الأقارب الذين هطلوا على منزلي بعد علمهم بالجائزة قد حرمني من الهدوء المطلوب لكي أكتب وأبدع ، الوقت يمضي ولم يبق سوى 15 يوما لتسليم القصص .. فكيف العمل ؟ !

أعلنت حالة الطوارئ في البيت وجمعت الزوجة والأطفال وصارحتهم بأني لا أستطيع الكتابة في هذا الجو ولابد من حل عاجل فالوقت ينفذ ، أبدت الزوجة والأطفال استعدادهم للانتقال إلى منزل عمي (والد الزوجة ) ريثما أتفرغ للكتابة ، لكني لم استجب لهذه الفكرة فعمي يتضايق من الأطفال وسيتقبلهم لأيام ولكن لأسبوعين لن يتحملهم .   

تركت الزوجة والأطفال في البيت وذهبت إلى فندق واستأجرت غرفة لمدة أسبوعين كي أكتب القصص ، ومر اليوم الأول والثاني ولم استطع الكتابة ، وحاولت عصر ذهني والخروج حتى بقصة واحدة فلم أستطع ، حاولت تذكر مواقف من طفولتي ومن أيام الشباب أو الجامعة فلم أجد فكرة مناسبة لقصة قصيرة ، الوقت يمضي ويزداد الضغط علي وازداد قلقي وارتباكي. ـ ماذا سأقول للزوجة والأطفال وقد تركتهم لوحدهم وذهبت للفندق للتفرغ للكتابة ؟

ـ وهل ستتفهم دار النشر ما حدث لي من عقم ابداعي مفاجئ ؟

ـ وهل ستمنحني فرصة جديدة أم ستلغي العقد وتطالبني بإعادة المبلغ ؟

ـ وهل هناك شرط جزائي إذا لم أنفذ الاتفاق ؟

تساؤلات كثيرة حاصرتني وأنا في الفندق ولم أجد لها جواب .

في اليوم الثالث غادرت الفندق وعدت للبيت وأخبرتهم بما حدث لي .

قالت الزوجة :

ـ حسدونا على الفلوس التي حصلتها من الكويت والسيارة التي اشتريناها وأصابوك بعين شريرة فلن تستطيع الكتابة بعد اليوم .

shape3

وأضافت : 

ـ ومش بعيد يكونوا قد عملوا لك سحر يعطلك عن الكتابة ولذا لابد ما تذهب الآن لشيخ يفك لك السحر .  

  وحاولت أن أوضح لها أن هذا غير صحيح فكتابة القصص إلهام لا موعد له ، يمكن أن يأتي في أي وقت ، ويمكن أن يغيب لفترة غير معلومة ، ولكنها لم تقتنع أبدا بحديثي وأصرت على موقفها ، ولأني مصاب بالسكري والذي ارتفع كثيرا بسبب الضغط الذي أعيشه وإحباطي من ضياع هذه الفرصة الكبيرة التي لا تعوض ومن غياب الالهام وعدم القدرة على الكتابة فقد انفجر غضبي على الزوجة فوصفتها بالجهل وقلة العقل والشعوذة والخرافات ، وامطرتها بوابل من الشتائم فحزمت حقيبتها وساقت أطفالها وغادرت المنزل باكية إلى بيت عمي .  

بقيت وحيدا في المنزل وحاولت الكتابة فلم أستطع ، أخيرا يئست من الوفاء بالاتفاق مع دار النشر فذهبت إلى بيت عمي وشرحت له الأمر وصالحت الزوجة واعتذرت لها واشتريت لها وللأطفال بعض الهدايا وعدنا إلى المنزل .

جهزت رسالة اعتذار لدار النشر فلم يبق سوى ثلاثة أيام وليس من المعقول أن كتب 10 قصص متميزة في 3 أيام ، ولكني تريثت في ارسال الاعتذار للحظات الأخيرة ، كنت أريد الخروج من دوائر القلق والإحباط التي حاصرتني مهما تكن النتائج .!

اقتنعت بأنها كانت فرصة ولم أوفق فيها ، وسوف اتحمل نتائجها .

في اليوم الثاني كنت أبحث عن كتاب قديم من إصدارات مجلة " العربي " فوجدت دفتر قديم قد تمزقت أطرافه فرميته بعيدا وعدت إلى مجلسي بالكتاب وبعد ساعة جاءت ابنتي تحمل الدفتر وتقول لي وأنا غارق في القراءة :

ـ بابا وجدت الدفتر الذي كتبت فيه القصص ، لقد أعجبتني ، قرأتها وضحكت كثير هل معك غيرها ؟

وما إن سمعت بكلمة القصص حتى رميت الكتاب جانبا وأخذت الدفتر أقلب صفحاته على عجل فوجدت فيه 12 قصة قصيرة كنت قد كتبتها في العام الماضي ونسيتها تماما .

أسرعت أفتح الحاسوب وأطبع القصص وأعيد صياغتها وأجهزها للنشر وفعلا خلال 24 ساعة تم تجهيز المجموعة بـ 17 قصة قصيرة وتم ارسالها لدار النشر قبل الموعد بيوم وشعرت بسعادة تغمرني بعد أن انزاح عن صدري هم ثقيل ، وبقيت أترقب الرد من دار النشر .

وبعد أيام أرسلت دار النشر رسالة شكر على التزامي بالاتفاق ، لقد أشادوا بالقصص وأعجبوا بها ، ووصلني المبلغ المتبقي كما صدرت المجموعة التي كنت قد يئست من صدورها ، لقد حدث كل شيء وأنا غير مصدق ما يحدث لي .!

* القصة من خيال الكاتب وبالأصح من أحلامه .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد