عندما تزوجها كانت خجولة صامتة لا تتحدث حتى أنه ظنها خرساء، حدثها ليلة عرسه عن أشياء كثيرة بينما كانت تبتسم بخجل .
في صباح عرسه نهض فوجدها نائمة كأنها ملاك ، تركها في أحلامها الوردية وسبقها إلى المطبخ وأعد الإفطار ومضى شهر العسل وهو من يطبخ أو يدعوها للعشاء في المطاعم .
انقضى شهر العسل وذهبت لزيارة أهلها وعادت بخارطة جديدة لاستحمار الزوج .
في البداية كان يدللها لأنها يحبها ويريد لها السعادة لكنها طبقت خارطة الطريق الاستحمارية باحتراف ، ركبت عليه وأحسن القبض على سرجه ولجامه وركضت فوقه إلى الكثير من الأماكن .
ولكي يصبح من الفلاسفة تجاهل كل ما يحدث له فقد قرأ أن زوجة سقراط كانت تهينه وتنكد عليه عيشته وتوبخه بشكل دائم وتشتمه وكانت معاناته الدائمة تثمر عن أفكار فلسفية عظيمة لكنه لم يتحول لفيلسوف بل تحول من مرحلة الشباب إلى الشيخوخة المبكرة .!
أبيض شعره وأحدودب ظهره وظهرت على وجهه الأخاديد وفي قلبه دفنت طموحات وأحلام ، ورغم أنه لم يصل في عمره إلى الثلاثين إلا أن من يراه يظنه قد ناهز الستين .!
يعمل في المنزل وفي المؤسسة التي يصلها متأخرا كل صباح فيتلقى التوبيخ والإهانات من مديره وفي المساء يتلقى التوبيخ والإهانات من زوجته لأنه تأخر في عمله !
يعود إلى منزله في غاية التعب والإرهاق ، يخلع ثياب العمل ويرتدي ثياب المطبخ وتظل هي بالصالة تتابع المسلسلات وتمطره بالشتائم والاهانات لتأخره عنها فقد جاعت وهي بانتظار عودته لتجهيز الغداء ، لم يرد يوما على شتائمها واهاناتها له فقد قرر أن لا يعمل عقله بعقلها .!
أمتع لحظات حياته حين يتناول كأس الشاي بالنعناع بعد الغداء ، زوجته تعود إلى النوم فيختلس ساعة من الهدوء والراحة ليبدأ بعدها بتنظيف المنزل وغسل ثياب زوجته والاستعداد ليطوف بها في مولات المدينة كسائق محترف .!
عليه أن يرافقها وهي تشتري حاجياتها من المتاجر الراقية يدفع النقود ويحمل الأكياس وراءها وعليه أن يختار المطعم المتميز الذي ستتناول فيه العشاء وعليه أن يتلقى الشتائم والإهانات إذا لم يعجبها المكان والعشاء .!
استيقظ ذات صباح وقد نبت له ذيل وطالت أذنيه كثيرا ، تعجب مما حدث له وأجتاحه شعور عام بالخوف ، تحسس ذيله الطويل وأذنيه ، وقف أمام المرآة كثيرا ، فكر بزيارة الطبيب لكنه خشي أن يتحول لأضحوكة بين الناس ، أن يتحول لمادة ساخرة لوسائل الإعلام ، كتم سره وتعايش مع ما يحدث له ، في كل صباح يذهب إلى المطبخ يقص ذيله الطويل وأذنيه ويبدأ في العمل ، ينزف الكثير من الدم ويتألم ، لكن ألمه الأكبر هو في شتائم زوجته أثناء إعداده للغداء وفي تجاهلها الدائم لجهوده فبعد أن يعد لها الفطور وهي نائمة يظل لنصف ساعة يحاول إيقاظها برفق حتى تصحو لتتناول الإفطار ، عودها أن يقوم بتدليكها وعمل مساج لها لتصحو أخيرا متذمرة منه ، تذهب إلى الحمام لنصف ساعة بينما يرتدي ملابس العمل ويجهز حقيبته ويظل على أعصابه بانتظارها ، الدوام في المؤسسة يبدأ بينما وهي لا تزل في الحمام ، بعد نصف ساعة تخرج متثاقلة وعلى مائدة الإفطار المتنوعة تأكل بصمت وهي تشاهد التلفاز دون أن تجامله بكلمة شكر على جهوده .
ذات صباح نظر إلى صوة والده المعلقة في الحائط ، كان قبل زواجه مبتسم لكنه الآن عابس بشكل أثار استغرابه ، لاحظ تغير وجه أبيه في الصورة بدهشة وتعجب ، فرك عينيه واقترب من الصورة ليتأكد مما يرى لتدوي على وجهه صفعة مؤلمة أعادته إلى صوابه .