يوم الغدير واحد من الايام التي يدور حولها المشروع السياسي الطائفي لجماعة الحوثي، وتؤكد من خلال الاحتفاء به أنها ماضيةٌ بمشروعها الى النهاية بصرف النظر عن الجهود التي تبذل لانهاء الحرب في اليمن .
يصر الشيعة ومن ضمنهم الجماعة الزيدية التي انبثقت عنها جماعة الحوثي الاكثر تشيعا، على ان النبي محمد صلى الله عليه وسلم اوصى بالخلافة(الولاية) لابن عمه وصهره علي ابن ابي طالب رضي الله عنه، وان الامور سارت بعد موت النبي على عكس الارادة النبوية، في اصرار عجيب على تحويل الدين الختم دين الاسلام الذي بسر به النبي محمد الى مجرد مهمة حصرية لتكريس السلطة العائلية ببعد سماوي ، ومنحى كهنوتي واضح .
يوم الغدير من بين عدة مناسبات تكرس البعد الطائفي الأحادي لجماعة الحوثي، وهي مناسبات شديدة الوطأة على اليمنيين، ليس فقط لانها تهدد سلامهم الاجتماعي، بل لأنها تنفض جيوبهم وتسرق اللقمة الشحيحة من أفواههم .
يتناقض الاحتفال المبالغ فيه من جانب جماعة الحوثي بيوم الغدير مع المبادئ العامة لحقوق الانسان ومع الديمقراطية ومع الكرامة الانسانية، والأهم من ذلك كله انه يتناقض مع رسالة الاسلام نفسها، ويشير بشكل واضح الى الجوهر الطائفي للمشروع الحوثي المدعوم من ايران .
فهذه الحركة تمضي في مسار تثبيت مشروعها السياسي الطائفي عبر الحرب المفتوحة مع اليمنيين ومن خلال الامعان في التجريف الثقافي والعقائدي والتهديد الخطير للتنوع الفكري والتعددية السياسية، والذي يجري من خلال ما تسمى الدورات الثقافية، وهو اسم لا علاقة له بالتثقيف قدر علاقته بالتجريف والتطييف والتجفيف لمنابع المعرفة المتنوعة، خصوصا انها تستهدف الناشئة وقوات الامن والشرطة، والوعي العام كذلك .
في الواقع يتعرض اليمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين لاعتداء يستلب كرامتهم ويمس وجودهم، وهذا التهديد لا يمكن ان يزول الا باضعاف هذه الميلشيا وتجريدها من الامكانيات العسكرية التي وضعت بين ايديها بفعل فاعل .
اعرف ان هذا الامر قد يبدو غير واقعي في ظل المعادلة الجديدة التي ترسخت على الارض، ولكن اين كانت هذه الميليشيا وحدود قوتها قبل 21 سبتمبر/ايلول .
لم يستغرق الامر سوى تحول في مواقف وسياسات
القوى المحلية والإقليمية ، لتصبح هذه الميليشيا على ما هي عليه اليوم .
ونحن نحتاج هذا التحول، وهو ممكن اذا كان الطرف الاقليمي الرئيس (السعودية) بالفعل يرغب في انهاء الخطر الحقيقي الذي يمثله الحوثيون ومن خلفهم ايران على امنه القومي .
من المؤسف ان غالبية اليمنيين في هذه المرحلة الصعبة من تاريخهم، يشعرون ان القوة الفتاكة قد سُحبت من ايديهم بفعل غدر وخيانة متعددة الأطراف بعد تحول جيشهم وقواتهم الامنية الى كتائب تحت تصرف ميلشيا محاصرة في صعدة، لم تكن لتصل الى ما وصلت اليه دون تواطؤ سلطة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح عندما كان لا يزال رئيسا ودولته العميقة بعد ان فقد السلطة، مضاف اليه تواطؤ سلفه الرئيس الحالي والمنبوذ عبد ربه منصور هادي .
ان التغول الطائفي لجماعة الحوثي يهدد بتقويض المشروع الوطني ومعه البنيان الهش للمجتمع اليمني، ومن المؤسف ان هذا التهديد يتكامل بشكل مباشر او غير مباشر مع المشروع السيء لما يعرف بتحالف دعم الشرعية .