لقد تحرك محافظ شبوة طبقاً للمسؤوليات الملقاة على عاتقه، قام بتحريك المياه الجامدة وتحدث عن المسكوت عنه على مستوى الشرعية والتحالف، وقالها بصريح العبارة على الإمارات التي تخلت عن دورها كشريك في التحالف المخصص لدعم الشرعية مواجهة الانقلاب عن ترحل من اليمن وأن تنهي وجودها ا لعسكري طوعاً.
سارعت السعودية إلى إرسال قائد قوات الدعم والإسناد ليلتقي بمحافظ شبوة، في دور وساطة جديدة، تؤشر إلى مآلات مشابهة لوساطة قامت بها في عدن وسقطرى وانتهت بتمكين المشروع الإماراتي التخريبي فيها.
لا دليل على أن الإمارات انسحبت عسكرياً من بلحاف كما أشيع، وليس هناك ما يبعث على الثقة بالوعود السعودية بانسحاب مفترض لقوات أبوظبي من بلحاف بعد ثلاثة أشهر، إنها محض مغالطات، ومع ذلك دعونا نتفاءل بإمكانية إنهاء هذه الوضعية الشاذة، إذ لا خيارات راسخة لدى أبوظبي لكي تستمر في استفزاز اليمنيين وقت أطول والمساهمة في تجويعهم.
في بلحاف، هناك تواجد عسكري إماراتي خارج التزاماتها المعلنة كشريك في التحالف، لذا تحولت أهم منشأة لتسييل الغاز الطبيعي في البلاد إلى معسكر لتدريب العناصر التخريبية وإلى معتقل سيئ السمعة للإخفاء القسري والتعذيب والذي يطال يمنيين شرفاء آمنوا بدولتهم وانخرطوا ضمن المشروع الوطني.
بعد أن خسرت النخبة الشبوانية معركتها لصالح الانفصال في محافظة شبوة، تبدت صدمة أبوظبي التي خسرت الرهان كاملاً لهذا لجأت إلى أفعال إجرامية من بينها القصف الجوي لوحدات من الجيش الوطني على مشارف عدن، وتجييش العناصر الميلشياوية التابعة للمجلس الانتقالي وتسليحها لخوض الحرب المفتوحة مع السلطة الشرعية ومنعها من العودة إلى عدن.
لا تزال أبوظبي تعتقد أن منع الحكومة اليمنية من الاستفادة من مليارات الدولارات من عائد تصدير الغاز الطبيعي المسال، يُعد ثمناً مناسباً لبقاء محافظة شبوة خارج المشروع الانفصالي، لهذا أبقت على تواجدها العسكري الاستفزازي في بلحاف وفي معسكر العلم الواقع بالقرب من الحقول النفطية شرق عتق عاصمة المحافظة.
ولأنه لا مبرر لتواجدها في هذين المعسكرين فإنها ترى أنها لا تزال متواجدة في اليمن لمكافحة الإرهاب، وأنها تقود معركة منفصلة ضد طواحين الهواء، وهي التي تعيد صناعة الإرهاب وتعيد توظيفه لصالح دورها التخريبي، إذ لا دليل يدعم مزاعمها بأنها تحارب الإرهاب أو أن تنظيم القاعدة أو داعش وغيرها من الفصائل التي انتجتها أجهزة استخبارات المنطقة، له أثر من نشاط على الأرض اليمنية، خارج الأولويات الإماراتية، وإلا كيف نفسر عمليات القتل الإجرامية والإرهابية في عدن وفي غيرها والتي استهدفت على مدى السنوات الماضية رموزاً سياسية ودينية نتيجة انتماءاتها السياسية أو رفضها العمل ضمن الأجندة الإماراتية.
وخلاصة القول إن انتفاضة شبوة في وجه الوجود الإماراتي بميناء بلحاف هو استحقاق وطني تأخر كثيراً، ويرتبط بحاجة الدولة إلى فرض إرادتها على مواردها، للتخفيف من النتائج الكارثية للحرب الحالية، ويتعين على الحكومة والشعب اليمني أن يقف خلف محافظة شبوة وأهلها ومحافظها، لأن الأمر يتعلق بمستقبل البلد وليس بالتعاطي التكتيكي مع الإشكالية الناجمة عن وجود الإمارات العسكري في مكان ليس مخصص بأي حال من الأحوال للأنشطة العسكرية.