في كل مرة تجري فيها عملية تبادل للأسرى والمعتقلين، يسطع الضوء في ليل الأزمة اليمنية الحالك، ذلك أن مثل هذه العمليات هي في المحصلة تعبير عن رشد لطالما افتقدناه في ظل هذه الحرب لكن أيضاً لها دوافع يتصل بعضها برغبة طرف واحد على الأقل وهو الحوثي في استعادة مقاتلين لرفد الجبهات الجديدة التي فتحها في شرق البلاد.
حسناً لقد استعاد الحوثيون العشرات من مقاتليهم، والذين سيمثلون رافداً مهماً في ظل الشح الذي يواجهه الجميع على صعيد الموارد البشرية للحرب، ومن المؤسف أنهم يحققون هذه النتائج على حساب عشرات المظلومين من المدنيين الذين يجري اختطافهم أو اعتقالهم بذرائع مختلقة ليجري فيما بعد استثمارهم في عمليات تبادل لا شك أنها تدخل البهجة في نفوس وقلوب عائلات المعتقلين المدنيين وأسرى الحرب خصوصاً الذين يقاتلون في صفوف الشرعية.
تتخلى الأطراف المحسوبة على الشرعية عن أهداف ثمينة بحوزتها مقابل أن تلبي ضغوطات عائلات الأبرياء من المعتقلين، وهذا يعكس الفارق الأخلاقي الشاسع بين هذه الأطراف وبين جماعة الحوثي الانقلابية، الت
ي تتصرف انطلاقاً من الانحيازات السلالية لقادتها تجاه المقتلين والقيادات الميدانية التابعة لها الذي ينتمون لذات السلالة. في عملية تبادل الأسرى الأخيرة التي جرت في مديرية سامع بمحافظة تعز، استفاد 140 معتقلاً بينهم 15 أسيراً فقط من مقاتلي الجيش والمقاومة، مقابل إطلاق سراح نحو 68 أسير حرب تابعين لجماعة الحوثي. ويا للدهشة حين تعلمون أن سبعين معتقلاً جرى إطلاق سراحهم مقابل قائد ميداني سلالي تابع لجماعة الحوثي فقط لأنه من عائلة المروني. ولو تسنى للحوثيين تسلمه لما سلموا بقية المعتقلين، لذا كان قرار المقاومة هو تأخير تسليم هذا الأسير المجرم حتى تسلم آخر معتقل من الذين جرى الاتفاق على إطلاق سراحهم.
البعض نظر إلى عملية تبادل الأسرى على أنها مؤشر على رغبة الأطراف في التوصل إلى السلام، لكن للأسف السلام الذي يراه الحوثيون هو سلام القوة الذي يتعين على الجميع أن يحصلوا عليه مقابل انضوائهم تحت سلطة هذه الجماعة، وبالتالي فلن تتعدى عمليات كهذه هدف تخفيف الآلام بالنسبة لذوي المعتقلين، واستعادة مقاتلين بالنسبة لجماعة الحوثي.
ما ينبغي الالتفات إليه هنا هو أن عمليات تبادل الأسرى والمعتقلين تتم في معزل عن تفاهمات ستوكهولم التي أشرفت عليها الأمم المتحدة وحظيت بتغطية واسعة قبل أن تنتهي إلى نتائج متواضعة للغاية.
هذا مؤشر في اعتقادي يدلل على أن لا المتدخلين الإقليميين ولا الأمم المتحدة معنيين بأن تتم الأمور وفق التفاهمات والمرجعيات التي قد تسمح ببقاء الأزمة والحرب في سياق يؤدي إلى العودة بالأوضاع إلى مرحلة الدولة اليمنية الموحدة المستقرة.
.