;
محمد مصطفى العمراني
محمد مصطفى العمراني

« موت الغرب « هل ترث الحضارة الإسلامية الغرب ؟ وهل توقف التحذيرات تراجع الغرب الحضاري والثقافي؟! 900

2021-12-23 06:32:36



بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والايدلوجية الشيوعية وانتصار الغرب الرأسمالي حاول الكاتب الأمريكي فرانسيس فوكوياما الترويج له في كتابه (نهاية التاريخ) لكن الكاتب الأمريكي صامويل هنتنجتون أن الحضارة الغربية قادمة على (صدام الحضارات)

 إذ لن يبق أمام الحضارة الغربية سوى الحضارة الصينية والحضارة الإسلامية على المدى القريب والمتوسط وعلى المدى البعيد الحضارة الإسلامية فقط. .
يمثل الكاتب والسياسي الأمريكي باتريك جيه بوكانن الاتجاه الثالث ففي كتابه ( موت الغرب ـ أثر شيخوخة السكان وغزوات المهاجرين على الغرب ) ، فهو يرى أن الحضارة الغربية تموت من داخلها بشيخوخة سكانها وبالتراجع الحاد في معدلات انجاب الأطفال وغياب الحياة الأسرة التقليدية ، كما تواجه في الوقت نفسه « غزوات المهاجرين « المتزايد لأمريكا وأوربا بما يحملونه من أديان وثقافات مختلفة عن الثقافة الغربية ونشؤ دولة عالمية بملامح اشتراكية وهي ما ستؤدي إلى نهاية الحضارة والثقافة الغربية عموما وليست الأمريكية فحسب .
يدعم بوكانن نبوءته هذه بإحصائيات وأرقام للأمم المتحدة ومؤسسات أخرى ويورد مئات القصص والأحداث التي تؤكد ما يذهب إليه وفي نهاية الكتاب يقدم مقترحات كثيرة وحلول ومبادرات لإنقاذ الحضارة والثقافة الغربية ، كما قام بسرد قصص عديدة في هذا الإطار ، وإذا كان ما سبق مبتدأ لازم فإليكم الخبر .

• عن الكتاب وأهميته
كتاب ( موت الغرب ) لباترك بوكانن والذي ترجمه إلى العربية الأستاذ محمد محمود التوبة وراجعه الدكتور محمد حامد الأحمري وأصدر مكتبة العبيكان بالرياض الطبعة الأولى منه عام 1426هـ الموافق 2005م ، تكمن أهميته في كونه من الكتب القليلة التي تعترف بوصول الحضارة والثقافة الغربية إلى طريق مسدود ، وإلى واقع مخيف بالأرقام والاحصائيات فصارت مهددة بالموت .
الكتاب يوضح كيف ولماذا تصدر الحكومات الغربية أمراضها إلينا وأهمية الدين والأخلاق في الحفاظ على الحضارات والثقافات والإنجازات الإنسانية اضافة إلى أهمية الأسرة والكوارث التي ستلحق مجتمعاتا في حالة تبعت المجتمعات الغربية في التخلي عن الدين والاخلاق وعدم التمسك بثقافتها وحضارتها .
كما يؤكد الكتاب على أهمية الهوية في حماية الأمم والشعوب والحضارات والحفاظ عليها وعن الأثر الخطير للثقافة والإعلام والتعليم في تغيير المفاهيم وتشكيل الأذهان والوجدان والدور الهدام للعلمانية وللحركات النسوية والانقلاب على الفطرة البشرية السوية .
يكشف الكتاب عن نمط تفكير قطاع معتبر من النخب الأمريكية التي تؤكد على أن التقدم العلمي والمادي لا يحمي الريادة الغربية والتقدم ولا يمنع موت وتراجع حضارته وثقافته ولا يحمي الشعوب الغربية من الانقراض بشكل بطيء ، وأن التخلي عن الدين والاخلاق لن يكون حكرا بتداعيات الكارثية على الغرب فقط فها هي اليابان تواجه نفس مصير الغرب .
  
• التغييرات الديمغرافية كتهديد وجودي
يرى باترك بوكانن في كتابه ( موت الغرب ) أن آليات سقوط الحضارات قد تغيرت الآن فلم تعد الجيوش العسكرية هي من تكتب نهاية الممالك والإمبراطوريات فالتغيرات الديمغرافية التي يشهدها المجتمع الأمريكي ستكتب نهاية الحضارة والثقافة الأمريكية فشيخوخة السكان والتوقف عن الانجاب وفقدان الرغبة في تكوين الأسرة التقليدية والنزوع إلى اللذة الفردية على حساب وجود الأسرة وكل هذه العوامل الناتجة عن الثقافة الأمريكية الجديدة التي شكلت ثورة على الثقافة الأمريكية التي كانت سائدة قبل عقود وعلى الديانة المسيحية وعلى التقاليد المحافظة وعلى الأخلاق ستؤدي ـ إضافة إلى تدفق المهاجرين ـ إلى تفكك وزوال الحضارة والثقافة الغربية عموما والأمريكية خصوصا ولذا فالكاتب بهذا الكتاب يقرع الأجراس ويحذر من الأخطار التي يرى أنها تهدد تفرد الحضارة الغربية
يرى باتريك بوكانن انه ليس هناك أمة في التاريخ خبرت التغيير السكاني بمثل هذه الضخامة الذي تحدث في الولايات المتحدة الامريكية والغرب عموما وفي هذا الوقت القصير وبقيت هي نفسها ، كما ان الهجرات الغير مسيطر عليها تهدد بتفكك الأمة وتحويل السكان الأصليين المؤمنين بالحضارة والثقافة الأمريكية إلى مجرد أقلية .
وبحسب بوكانن فقد كان السكان في الغرب ( الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأروبا وأستراليا ) يبلغون 750 مليون نسمة أي 25% من سكان العالم الذي كان حينها 3 مليارات نسمة لكن في العام 2000م صار عدد سكان العالم 6 مليار نسمة لكن الشعوب الأوربية توقفت عن التكاثر ـ باستثناء ألبانيا المسلمة ـ وبحسب إدارة السكان في الامم المتحدة فإن سكان أمم أوربا من آيسلاندا إلى روسيا في عام 2000م يبلغون 728 مليون نسمة لكنهم دراسة أخرى تؤكد هبوط سكان أوربا من 728مليون نسمة إلى 556 مليون نسمة مع منتصف هذا القرن .
ويمضي المؤلف فيورد الإحصائيات السكانيات الخاصة بكل دولة في أوربا والتي تؤكد تراجع السكان في دول أوربا إضافة إلى اليابان فهي الدولة الوحيدة خارج سياق الغرب والتي تعاني أيضا من تراجع حاد في عدد السكان لنفس الأسباب بالغرب والتي سنتطرق إليها لاحقا .

• أسباب قلة الإنجاب في الغرب
يرى بوكانن أن النساء الغربيات ينهين حملهن بمعدل ماثل الإبادة الذاتية للشعوب الغربية وذلك بسبب التغير الهائل في عقول وقلوب النساء الغربيات وقد بدأ هذا التغير منذ عام 1964م فالرفاهية التي جاءت بعد الحرب العالمية الثانية قتلت في الغربيات الرغبة في الإنجاب إضافة إلى تشريع الإجهاض والذي تحول إلى حق للمرأة يكفله الدستور وإنتاج عقار يساعد على الإجهاض فلم يعد الإجهاض عملا شيطانيا معاديا لله وللإنسان كما كان في الخمسينات وإنما صار حقا شرعيا بقرار من المحكمة العليا ، إضافة إلى دخول المرأة سوق العمل بعشرات الملايين من النساء اللواتي زاحمن الرجال وجعلن الأولوية للوظيفة والمنصب على حساب المنزل والأطفال والأسرة التقليدية ، كما سوقت السينما ومختلف وسائل الإعلام لصورة المرأة العصرية على أنها تلك التي تهتم بجمالها وبالمال وبالمنصب على حساب الأسرة وانجاب وتربية الأطفال .
وبالتزامن مع اندفاع النساء لسوق العمل انخفضت معدلات الزواج بشكل حاد لدى الشباب والشابات وخصوصا من طلبة الجامعات فوجد الملايين من المتحررين والمتحررات من سلطة الآباء ومن سلطة الدين وممن لديهم النقود فاتجهوا ليعيشوا حياتهم للمتعة واللذة فقط ، لتأتي الجمعيات الأخوية في الكليات فسهلت لقاءات الشباب والشابات وممارسة العلاقات الجنسية ومع مجيء الحركات النسوية والتي طالبت بإلغاء العقوبات القديمة ضد الزناء ومعالجة قضية الحمل بحبة منع الحمل وبالإجهاض والواقي الذكري ومحو الثقافة التي تجرم الزنا وجدت ثقافة جديدة تحتفي بالثورة الجنسية ، إضافة إلى الثورة الثقافية التي اجتاحت الجامعات منذ بداية الستينات وتحول المجتمع في الغرب من مجتمعات زراعية إلى مجتمع صناعي ، كل هذه العوامل لم تؤد إلى تراجع معدلات الانجاب بشكل حاد بل أدت إلى تدمير ممنهج للأسرة التقليدية في الغرب .

• دور الحركات النسوية في تدمير الأسرة 
في البداية قامت الحركات النسوية بالثورة على العقوبات القديمة ضد الزناء ونجحت بجعل العلاقات الجنسية خارج الزواج حق للمرأة ، ثم قامت بالثورة على قوانين العمل وإدخال « الجنس « ضمن التمييزات الممنوعة بموجب القانون فالشركات التي تنشر إعلانات « مطلوب رجال « للعمل تنشر إعلانات تمييزية ومخالفة للقانون ولذا اتجهت الشركات لطلب النساء للتوظيف فارتفعت رواتب النساء ووجدت المرأة الغربية والأمريكية خصوصا أنها حققت الاستقلال ولا تحتاج للزواج وخصوصا بعد إلغاء «راتب الأسرة « والذي كان يصرف للنساء في البيوت واللواتي يقمن بالإنجاب وتربية الاولاد تحت بند « راتب معيشة « ولذا وصلت نسبة النساء اللواتي لم يتزوجن مطلقا في العام 1995م إلى 68% .

لم تكتف الحركات النسوية بدفع النساء إلى سوق العمل والغاء التشريعات التي تعاقب على الزناء والتشجيع عليه تحت لافتة الحرية وإنما عملت على شيطنة الزواج وتصويره على أنه « عبودية « لمنفعة الذكر وأن الزواج يشبه الدعارة والتحرش الجنسي ، كما ساهمت الثقافة الشعبية من سينما وتلفزيون وصحافة وإذاعة بإعلاء متعة الجنس فوق سعادة الأمومة فتم تدمير مؤسسة الزواج والأسرة التقليدية في العقول والقلوب ما ادى إلى تدميرها في الواقع وهو ادى إلى انهيار النظام الاخلاقي بالغرب وشيوع الزنا والخيانات الزوجية واللواط بين الذكور والسحاق بين الإناث .

• السلطة تحتفي بالمثليين والسحاقيات!
ثم ينتقل المؤلف من الحديث عن قلة الإنجاب والتغيرات الديمغرافية في الغرب وأسبابها ومن الحديث عن دور الحركات النسوية في شيطنة الزواج وتدمير الأسرة التقليدية إلى الحديث عن تأصيل حقوق الشواذ من الرجال والنساء فاللواط بين الرجال بدلا من كونه في الماضي جريمة ضد الدين والإنسان والطبيعة البشرية صار حقا للرجال وتم اسقاط العقوبات التي تجرمه ثم تم اعتباره امرا عاديا في المجتمع وتطور الأمر إلى تأصيل حقوق المثليين اللوطيين في الدستور ومعارضة السلطة لأي تمييز ضدهم ففي عام 2001م هاجم الشيوخ زملاء أشون اشكروفت بكل قوة في جلسات مجلس الشيوخ الأمريكي لأنه عارض تسمية اللوطي جيمس هورمل ليكون سفيرا للولايات المتحدة في لوكسمبورغ ، وعندما انفصلت أشهر زوجتين في أمريكا لدى الرأي العام السحاقيتان الممثلتان آن هيك وإيلن دي جينيرس زارهم الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ليبدي تعاطفه ، كما صارت هيلاري كلينتون أول سيدة في البيت الأبيض تمشي في مظاهرة للمثليين في نيويورك لكنها بعد تسعة أشهر رفضت السير في السير في استعراض يوم القديس باتريك الأربعين بعد المائتين وهو الاستعراض الذي كان واجبا السير فيه على جميع السياسيين في نيويورك.!  

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد