كان الربيع العربي حالة طبيعية لانسداد أفق التغيير في المنطقة وضياع أحلام أجيال في دول فاشلة مثل لها الاستقرار الأمني والاقتصادي التحدي الأكبر .
وبدلا من احتواء الخليج لهذه الدول، ذهبوا للصدام مع الشعوب، لعدم جاهزيتهم، بينما إيران الثورية وروسيا الحالمة وتركيا العائدة في وضع الجاهزية .
الربيع العربي فشل في تحقيق أحلام الشباب العربي، بل تحول سلاحا تستخدمه إيران وحلفائها في المنطقة ضد الدول المستقرة وضد إرادة الشعوب العربية .
لازالت قطر تعتبر الربيع العربي ابنها المولود قبل أوانه وتعتقد أن بقائه في الانعاش يمكن إعادته من موت لم يبق إلا رمزية جسد تقمصته إيران .
يعتقد الإسلاميون نواة ثورات الربيع العربي أن فشل تلك الثورات هو مخاض لسقوط أنظمة الاستبداد، بينما عاد الاستبداد بأثواب تتعدى حدود الدول الوطنية وبشكل طائفي عنصري لأقليات دعمها المجتمع الدولي، أوربا وأمريكا نيابة عن إيران وروسيا .
يجب على الجميع الاعتراف بالفشل لا التبرير له .
فشل الربيع العربي وفشل ثواره في الحفاظ على أهدافه وعليه من مستخدميه الطائفيين، وأيضا فشل الخليج الغني في دعم تطلعات الشعوب العربية وارتكابه لحماقات مواجهتها، إلى جانب تماهي الأوربيين ضد مبادئ حقوق الإنسان وغضهم الطرف عن جرائم إيران وروسيا، هو الذي شجع هذين البلدين على العجرفة .
بعد قرن على سايكس بيكو يبدو أن المنطقة قادمة على تقسيم جديد لخارطتها مع انسحاب واضح لأمريكا، والذي بدأ فعليا مع ثورات الربيع العربي، فما هي الدول الأكثر جاهزية لاستيعاب الوضع وتقليل كلفة حروب التنافس؟
اليد الطولي لإيران وروسيا وتحاول إسرائيل أن تكون مستعدة بينما تبقى تركيا حذرة .
لكن ماذا عن الدول العربية بالذات الخليجية، هل هي مستعدة لحروب التنافس وفوضى التقسيم؟
السعودية كدولة قوية مهددة بنقل الفوضى والحروب المحيطة بها إلى الداخل، بينما مصر تحت ضغط العبء الاقتصادي الذي يعرقل أي دور لها .
بقية دول الخليج وظيفية غير قادرة على المواجهة، وستظل متخبطة في آلياتها .
وكما أن أمريكا منشغلة في بحر الصين، وأوروبا متخوفة من تمدد روسيا إلى أوكرانيا، ليس أمام المنطقة إلا إعادة ترتيب نفسها في تحالف اقليمي نوعي تقوده السعودية ومصر وتركيا، مع استيعاب قطر والامارات وعمان والجزائر .
ومن مهام هذا التحالف تهدئة الأوضاع المشتعلة في الدول العربية والإفريقية .