كل المؤشرات تؤكد أن الحوثيين يشهدون ارتداد المعركة على مكاسبهم التي حائزوها في زمن التفريط الباذخ من جانب خصومهم طيلة السنوات الماضية من زمن الحرب .
وحينما نتحدث عن التفريط فنشير به، بالتأكيد، نحو الطرف الذي يمتلك زمام المعركة؛ وهو التحالف الذي اتخذ خلال السنوات الماضية سلسلةً من الخطوات الخطيرة لإخلاء محافظتي مأرب والجوف -ومؤخرا محافظة الحديدة- من أي وجود عسكري لقواته وأسلحته النوعية التي بقيت حكراً عليه لا تمسها يدُ اليمنيين .
لكن سرعان ما اكتشف التحالف كم كان هذا الإجراء خاطئاً وكارثياً وشديد الخطورة على عمقه الاستراتيجي قبل أن يكون إجراء تكتيكياً لتفكيك الجيش الوطني وإفنائه في معارك يظهر فيها قليلَ الحيلة والإمكانيات .
اليوم هناك تقدم لا تخطئه العين للقوات الحكومية المدعومة بطيران التحالف وذخائره في الجبهات التي كانت إلى قبل شهر تقريباً واقعة تحت نفوذ الحوثيين، ومنها كانوا يواصلون هجماتهم سعياً وراء هدف إسقاط مأرب. تقدم الجيش إلى الشمال الشرقي من مدينة مأرب باتجاه معسكر ماس الذي أخلاه الحوثيون وفقدوا السيطرة عليه .
ويعاني الحوثيون من ضغط عسكري شديد على وجودهم في مديريتي الجوبة والعبدية الواقعتين جنوب غرب مأرب .
وفي حين أطل زعيم الجماعة بخطاب الإقرار بالإخفاق مستغلا جمعة رجب؛ تتجمع الدلائل على الوضع المزري لهذه الجماعة رغم الاختراقات التي تحدث فيما وراء الحدود، مثل الهجمات التي نفذوها على مدينة أبو ظبي، وسط أجواء دعائية تكشف أكثر ما تكشف أن الحوثيين مجرد قفزات تستخدمها إيران، دون التقليل من خطورة طموحهم لإعادة بناء دولة طائفية في صنعاء .
هذه الدولة التي يجري التهيئة لها عبر تفخيخ المجتمع، واللعب في المنهج التعليمي الوطني، وإقامة معسكرات التغرير بالطفولة، وعسكرتها بالأفكار التدميرية والبنادق والألغام القناصة .
المعركة الراهنة في مظهرها العام تمضي نحو تقليم أظافر الحوثيين، لكن دون يقين كامل بأنها ستكون معركة اجتثاث المشروع الكارثي لهذه الجماعة، وإعادة تهذيبها لدور سياسي يتحدد حجمها خلاله بمدى النجاح في ملء الصناديق بأصوات الناخبين الأحرار، وليس باختطاف دولتهم بقوة السلاح .