يعد العلامة علي سالم بكير باغيثان من كبار علماء حضرموت وأبرز المراجع العلمية في الفقه الشافعي في اليمن وله جهود علمية كبيرة في تدريس الفقه عموما والفقه الشافعي خصوصا حيث درس متون المذهب الشافعي مثل المنهاج وله شرح كامل على متن أبي شجاع والتنبيه وكفاية الأخيار وله جهود دعوية وعلمية كبيرة في تعليم الفرائض والمواريث وغيره من أبواب الفقه وكتبه .
ولد شيخنا في عام 1361هـ في تريم بحضرموت ودرس على يد والده العلامة سالم بكير باغيثان فقد كان من علماء تريم وترأس مجلس الإفتاء الشرعي فيها وعمل بالتدريس وله فتاوى مطبوعة ومؤلفات منها « فتح الإله المنان من فتاوى الشيخ سالم بن سعيد باغيثان « ، ثم درس في رباط تريم للتعليم الشرعي الذي تخرج منهم مجموعة من علماء اليمن أمثال العلامة محمد بن سالم البيحاني ، ثم درس في مدرسة آل عبد الله بن عيدروس وغيرها ، ومن شيوخه : العلامة محمد بن سالم بن حفيظ والعلامة عمر بن علوي الكاف والعلامة أبو بكر محمد السري. والعلامة عبدالرحمن بن حامد السري ، والعلامة المؤرخ عبدالله بن حسن بلفقيه والعلامة علوي بن عبد الله بن شهاب. والعلامة عمر بن أحمد بن سميط. وغيرهم.
ظل يتردد على مكتبة الكاف في المسجد الجامع بتريم ، فهو يرى أن طلب العلم عبارة عن جهد ذاتي وليس مجرد تلقين وأخذ عن الشيوخ فقط ، ثم تولى إدارة هذه المكتبة التي تطورت بعد الاستقلال لتصبح مكتبة الأحقاف .
من الكتب التي يروي العلامة الشيخ علي سالم بكير أنه تأثر بها في مرحلة الطلب كتاب « إيثار الحق على الخلق « للعلامة محمد بن ابراهيم الوزير الصنعاني رحمة الله تغشاه ، وكذلك كتب العلامة صالح بن مهدي المقبلي رحمه الله صاحب كتاب « العلم الشامخ في تفضيل الحق على الآباء والمشايخ « والذي يصفه بأنه رجل فذ وصاحب ثورة فكرية في اليمن ، ثم كتب العلامة الشوكاني وابن الأمير الصنعاني ، ويلاحظ تأثر شيخنا بكتب ومصنفات أعلام الإجتهاد في اليمن ما أورثه حب الاجتهاد وعدم التقليد .
ثم قام بالتدريس في مدرسة أهلية بالجبيل في وادي دوعن لمدة أربع سنوات حتى توفي والده ليعود إلى تريم ليعود لمواصلة العلم والوعظ والإرشاد والخطابة في مساجد تريم.
تربى الشيخ في تريم حيث للصوفية صولة وجولة وحضور كبير ولكن كان لتدين شيخنا الفطري وتأثره بكتب أعلام الإجتهاد في اليمن من علماء السنة أثر في ميله إلى السنة دون أن يتعرض لأية مضايقات من الصوفية فقد احتضنت تريم الفكر الصوفي والفقه السني في توازي ودون صدام .
يقول الشيخ « أيام الاستعمار البريطاني لم تكن هناك مضايقات دينية كما حدث أيام حكم الحزب الاشتراكي ، كانت المضايقات سياسية أيام الاستعمار ولكن أيام الحزب الاشتراكي كانوا يعتبرون تريم « قلعة الكهنوت الديني « حتى انهم جمعوا الكتب من مكتبة الاحقاف إلى حديقة البلدية وكانوا يريدون احراقها باعتبارها ثقافة الكهنوت ولكن سعينا بوساطات من العقلاء حالت دون حرقها ، وتم سجن الكثير من العلماء واغتيال العلامة محمد بن سالم باحفيظ ، وبعض العلماء فروا إلى السعودية هربا من بطش سلطة الحزب الاشتراكي كالعلامة محمد بن أحمد الشاطري والشيخ عبد القادر بن أحمد السقاف وبدأت المضايقات لي فهربت من تريم خفية متسللا إلى الشحر ومنها إلى المكلا حتى وصلت إلى عدن واعتبرنا عدن في ذلك الوقت دار أبي سفيان وبقيت فيها قرابة تسعة أشهر حتى عام 1973م ، وكنت في عدن أقوم بالتدريس في بعض المساجد مثل مسجد حامد ومسجد العيدروس وجوهر ولكن كنا نتلقى التحذيرات بأن لا نخرج خارج عدن مثل لحج وأبين وغيرها .
ويضيف الشيخ لبرنامج « صفحات من حياتي « على قناة المجد : ( عدت بعد ذلك إلى تريم ولكني بقيت حبيس في البيت خوفا من سلطة الاشتراكي حتى لا أستطيع الخروج للصلاة في الجامع ، وبعدها رحلت إلى الهجرين للتدريس في مدرسة بن محفوظ لعامين بعدها هدأت الأوضاع إلى حد ما فعدت إلى مكتبة الأحقاف وجمعت الكتب وتم فرز المخطوطات من المطبوعات ) .
تعرض شيخنا للسجن لمدة 12 ليلة في الأمن السياسي بسبب محاضرة ألقاها في اتحاد الادباء والكتاب في دار باكثير في سيئون وتعرض للتعذيب لتأييده الوحدة .
يقول عنه الأستاذ سعيد باسنبل : ( الشيخ رمزٌ من رموزِ الفكر والعلمِ وله حضور وتأثير كبير على مستوى حضرموت والوطن قاطبة.. زار عدةَ بلدانٍ عربية وإسلامية والقى فيها محاضرات دينية من وعظٍ وتذكيرٍ وإرشادٍ.. وفي سنوات مضت تختاره وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية ضمن أعضاء وفود لجانِها إلى بيتِ اللهِ الحرام بمكةَ المكرمة للمشاركةِ في مناسكِ الحج ..عضو في عددٍ من المكاتبِ الدعويةِ والهيئاتِ الإسلاميةِ.. شاركَ في عددٍ من المحاضراتِ والملتقياتِ والمؤتمراتِ والدوراتِ العلميةِ والمخيماتِ الشبابيةِ في الداخلِ والخارجِ.
يمتلكُ أسلوب بارع في الخطابةِ التي يغنيها بالبراهينِ والحجج- واقناع السامع بالتسليمِ وصحةِ المقول ..
كان خطيبًا للجمعة بجامع مسجد النور بتريم لسنوات عديدة.
وقد نبغَ في علمِ الفرائضِ فهو بحر وموسوعة في هذا العلم الذي يعنى بأحوالِ تركة الميت وميراثه من حيث قسمتها على مستحقيها.. حتى أصبح مرجعًا وعالمًا به ولا يستغنى عنه في ذلك.. له باعٌ كبيرٌ في علومِ اللغةِ العربيةِ من نحو وصرف وبلاغة... الخ واطلاع واسع في مجالِ الثقافةِ والأدبِ والتأريخِ ومهتمُ بالبحثِ العلمي.. وكاتب ومؤلف ومحقق ..
عضو في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.. وعضو في مجلس الشورى اليمني. ومازال في افياءِ النضوج العلمي بين تدريس وفتوى واصلاح.. شجاعٌ وجازمٌ وحازمٌ في قولِ كلمةِ الحقِ.. يتصدى دائمًا للمظالمِ والمنكراتِ. لديه خبرة واسعة بالأمورِ وأحوال الناسِ وحس اجتماعي قوي الحدس وحنكة وحكمة في مشكلاتِ المجتمعِ .. ولاشك أنه قد ورثَ عن أبيه بعض من هذه الصفات ومن صفاته الذاتية الفريدة قوة الذاكرة ما شاء الله وآية في ذلك فلا يحفظ المنظوم الشعري فقط بل يحفظ العبارات النثرية!.. والعشق الخالد للكتاب. ويصدر فتواه دائمًا على الوجهِ الأكملِ مع ذكر المراجع والنصوص الفقهية أداء للواجبِ وزيادة اطمئنان للمستفتي..
ومستواه الراقي هذا يعد مدرسة متميزة ذات اهتمامات دينية وتاريخية وثقافية .. ويعد من أبرز الكفاءات التي خدمت الوطن خاصة في المجال الدعوي).
لشيخنا العديد من الكتب والمؤلفات منها : ( رجال وكتب ) و( تنبيه الثقات إلى مسألة المحو والإثبات ) وله رسائل ومقالات عديدة كما له جهود إعلامية ودعوية وجهود في إصلاح ذات البين وقسمة المواريث والاهتمام بالعلماء وطلبة العلم .
تم تكريمه مؤخرا من قبل وزيري الداخلية اللواء إبراهيم حيدان والشيخ محمد عيضه شبيبه وزير الأوقاف والإرشاد و وكيل محافظة حضرموت لشؤون الوادي والصحراء الأستاذ عصام حبريش الكثيري والأستاذ حسن علوي الكاف مستشار وزير الإعلام والثقافة والسياحة بدرع وزارة الإعلام والثقافة والسياحة والسلطة المحلية بالمحافظة باعتباره الشخصية الوطنية.
وجاء هذا التكريم وفاء وعرفانا لدوره الريادي المشهود طوال عمله في قطاع المخطوطات مكتبة الأحقاف للمخطوطات مديرية تريم والحفاظ عليها والتعريف بها داخل الوطن وخارجه.
وتم ذلك في احتفال كبير بفي القاعة الكبرى سيئون حضره جمع كبير من العلماء والشخصيات الوطنية من محافظات حضرموت وشبوه والمهرة وسقطرى .
أجرى شيخنا صباح أمس الأربعاء عملية قسطرة في القلب في المكلا تكللت بالنجاح نسأل الله له الشفاء والعافية .