صادف الواحد والعشرون من فبراير الجاري الذكرى العاشرة لانتخاب عبد ربه منصور هادي رئيسا للبلاد، والذي أكمل خلالها عقد كامل من الزمن تولى هادي فيه مهمة رئاسة الجمهورية بانتخابات لم يكن له فيها أي منافس في لحظة اجماع وطني وتأييد دولي واسع.
وشهد اليمن خلال العشر السنوات، فترة عصيبة خلفت حرب ضروس ابان انقلاب جماعة الحوثي وحالة من الانقسام السياسي والعسكري هو الأشد منذ عقود.
وخلال الثلاث السنوات الأولى من حكم هادي، كانت هناك بدايات مبشرة وهي الفترة التي عاشت فيها البلاد شيئا من الاستقرار السياسي والاقتصادي نسج منها اليمنيون امالهم قبل ان تحولها الحرب الى آلام
وامتدت فترته الرئاسية لسبعة أعوام أخرى قضاها الرئيس هادي في المنفى، بسبب الانقلاب الحوثي على الحكومة الشرعية في 21 سبتمبر 2014 وزاد من تعقيد المشهد تدخل التحالف السعودي الاماراتي الذي ساهم في اضعاف الشرعية اليمنية لصالح المليشيات صاحبه غياب كامل للرئيس هادي.
وغادر الرئيس هادي صنعاء بعد إقامة جبرية فرضها الانقلابيون عليه عقب اجتياح صنعاء في 21 من سبتمبر 2014 وترك الوطن عرضة لنهب المليشيات والتدخلات الأجنبية وتحريات كبرى داخلية وخارجية ذهب معها زمام المبادرة من يد الرئيس هادي ليكون التحالف هو الفاعل الأول لا اتخاذ قرار الحرب والسلم في اليمن.
لماذا أخفق هادي؟
يقول الباحث والمحلل السياسي ياسين التميمي: «إن اخفاق هادي في إدارة المرحلة يعود للدور السلبي الذي مارسه منذ تحمله أمانة المسؤولية قبل عشرة أعوام في لحظة تاريخية فارقة لم يظهر فيها الرئيس القدر الكافي من المسؤولية إزاء المرحلة وإزاء متطلبات الشعب اليمني الذي مر بظروف صعبه وعبر عن ارادته الحرة للمرة الأولى وعبر أيضا عن وفاء خاص لهذا الرئيس وانتخبه بنسبة أصوات عالية لم يحظى بها رئيس من قبل»
وأضاف التميمي في تصريح لـ اليمن نت «الرئيس هادي للأسف انفصل خلال فترته الرئاسية الماضية عن إرادة الشعب اليمني ولم يلتحم بالقدر الكافي مع إرادة الشعب وضل يتصرف وفقا لأجندة القوى الإقليمية والدولية المتداخلة في الشأن اليمني وركن اليها كثيرا الى الحد الذي يمكن القول معه ان الرئيس فعلا تمالي مع المشاريع المهددة للدولة اليمنية.
وتابع القول «سمح الرئيس هادي بوصول الحوثيين الى صنعاء وكان بالإمكان ان يقود معركة شعبية وعسكرية ووطنية شاملة ضد تقدم الحوثيين وضد مشروعهم وإفشاله في الوقت المناسب لكنه عمل على العكس من ذلك حيث عمل بشكل مقصود على تمكين الحوثيين من الوصول الى أهدافهم السياسية والعسكرية وبالذات الوصول الى صنعاء والتمدد خارج صنعاء هذا التواطؤ الذي ابداه الرئيس هادي كان قد تمثل في تمكين الحوثيين من الوصل الى صنعاء «
وستطرد التميمي «ما نراه اليوم من سكوت من قبل الرئيس هادي عن أخطاء وتجاوزات تستهدف الدولة اليمنية ومصالح الشعب اعتقد انها تفاصيل في مقابل التنازل الكبير الذي قدمه هذا الرئيس عندما كان لا يزال ملتحما بشعبه وكان لديه قوات وكان لديه دولة ومؤسسات فرط بكل هذه الإمكانيات وكل هذه الموارد واعطاها لقمة سائغة للحوثيين ليستقر بعدها بالرياض مرتهنا بشكل كامل ومرهنا القرار السياسي والسيادي للدولة اليمنية بيد الأطراف الإقليمية».
ويتفق المحلل السياسي عبد الناصر المودع مع التميمي بأن الرئيس هادي أتى بعكس ما كان يراد منه وقال المودع ان الرئيس هادي تواطأ مع الحوثيين وأدخلهم الى صنعاء لينهي بذلك النظام السياسي الجمهوري الذي كان موجودا منذ 1962 وهو يمثل وفق وصف المودع الغطاء لمشاريع التدمير والتفكيك المحلية، وان اختياره من قبل رئيس النظام السابق ونظامه جاء لأنهم لا يريدون أن يكون هناك إصلاح حقيقي في الدولة.
وفي ذات السياق وجه وزير الثقافة السابق خالد الرويشان في مقال له في صفحته على الفيس بوك انتقاده لهادي متهما إياه بالتسبب بكل الكوارث التي لحقت بالبلاد من خلال سماحه واتاحته واباحته وصمته حيث قال «عشر سنوات مريرة وطويلة تقارب سنوات الحرب بين العالميتين الأولى والثانية مجتمعتين خذلك التحالف وخانك حتى انه ضرب جيشك وهذا صحيح ، تآمر عليك الرئيس السابق وتأمر على نفسه وهذا صحيح، انقلب عليك الحوثي وقلب البلاد رأس على عقب وهذا صحيح، لكنك في ذلك كله من اتحت وابحت وسمحت وأضعت واغتربت وصمت وما تزال!.
من جانبه يقول عضو اللجنة العامة في حزب المؤتمر الشعبي العام، عادل الشجاع إن هادي وصل الى سدة الحكم في فترة زمنية كان المحيط المحلي والإقليمي والدولي في صفه وفي صف الشرعية ورغم الدعم الذي حظي به هادي الا انه لم يستطيع ان يقدم شيء.
وتابع الشجاع هادي كان يمتلك عناصر القوة ما تمكنه من أن يكون قادرا على إدارة دفة الازمة وإدارة المصالح الإقليمية والدولية بما يتناسب مع مصلحة البلاد لكنه فرط بكل شيء.
الأوراق المتاحة لاستعادة القرار.
وحول ما إذا كان الرئيس هادي بإمكانه استعادة زمام المبادرة، ويستحضر مسؤوليته الدستورية والقانونية، ويستعيد القرار السياسي والسيادي للبلد بعد مرور عشر سنوات من توليه السلطة يقول ياسين التميمي «من حسن حظ الرئيس هادي أن الشعب اليمني لا يزال ينظر أنه بالإمكان تحقيق أهدافه، من خلال الإبقاء على الهيكل الشكلي للشرعية وللدولة اليمنية، لكن الرئيس هادي لا يلقي بالا إلى هذا العامل وهذا المعطى للأسف ومع ذلك باعتقادي الشعب اليمني لن يفرط بحقوقه ولديه أوراق عديدة يمكن ان يؤديها منها الوحدة الوطنية خلف استعادة الدولة بغض النظر سواء بقي الرئيس هادي رئيسا او لم يبقى.
وأضاف التميمي «أنا اعتقد أن اليمن قادرا ان يفرز قائدا وقادة لقيادة المشروع الوطني وتحقيق الأهداف المنشودة للشعب اليمني وتبقى الأولوية اليوم تنصب حول الموقف الوطني الموحد للقوى السياسية وللشعب وحالة اليقظة التي ينبغي ان تكون موجودة وحاضرة من اجل الوصول الى الأهداف المطلوبة والوقوف امام المشاريع المهددة لكيان الدولة اليمنية