قصة قصيرة
لأول مرة منذ 30 عاما تحتاج العقيد سالم بامحفوظ مدير قسم الشرطة هذه المشاعر المتناقضة، يغضب حتى يحمر وجهه ثم يضحك بشكل هيستيري ثم يغضب من جديد .!
قام من مكتبه وهو يشد شعره ولا يدري ماذا يفعل بالضابط المستجد؟!
يكاد يبطش بالضابط المناوب هم بأن يصفعه ويلقيه في الحجز ثم تراجع وقرر نقله من القسم فالضابط أيضا مسنود من مسؤول كبير رافق معه لسنوات، لأول مرة يكون شاهدا على هذه الفضيحة والقصة المضحكة المبكية .
قبل ثلاثة أيام كتب العقيد سالم على ورقة اسم " صادق حسان عبد الجبار سالم " وفور كتابته للعنوان تحت الاسم جاءه اتصال من مسؤول كبير فنسي الورقة على مكتبه وخرج مسرعا قائلا للضابط المستجد :
ـ استلم القسم حتى أرجع
جلس الضابط على المكتب ووجد الورقة أمامه فأعتبره تكليف واختبار لكفاءته ولأن العقيد قد كتبها بسرعة والضابط بالكاد يفك الخط فقد قرأها " سارق حصان عبد الجبار سالم " .!
أراد الضابط أن يثبت جدارته فجهز أحد الأطقم وسبعة من الجنود وهجم على المذكور في العنوان المسجل .!
حاصر الجنود المنزل وهجم الضابط على منزل المذكور، كسر الباب بقوة وأشهر مسدسه طالبا منه الاستسلام، فوجئ المدرس صادق حسان بالهجوم فظن أنه يتعرض لمقلب كوميدي من برنامج " الكاميرا الخفية " فظل يضحك باحثا عن كاميرا التلفزيون، ما أثار استغرابه هو وقاحة الضابط الذي أقتحم المنزل وقام بالبحث بين الغرف عن الحصان .!
ولما لم يجده صرخ في وجهه :
ـ أين أخفيت الحصان يا لص؟
تعجب المدرس من هذا الاتهام وحاول تهدئة الضابط واستفساره عن الحصان لكن الضابط أسرع ووضع القيود في يده وقاده إلى قسم الشرطة .
خلال ثلاثة أيام غاب فيها مدير القسم قام الضابط باستجواب المدرس عن الحصان والتحقيق معه بشكل دقيق بينما أنكر المدرس أن يكون قد قام بسرقة أي حصان أو حتى قد ركب حصان في حياته لكن الضابط لم يقتنع برواية المدرس فقام بتعذيبه وضربه بشدة محاولا انتزاع اعتراف منه بمكان حصان عبد الجبار سالم ولكن دون جدوى .!
جاء أقارب وجيران المدرس ومدير مدرسته وطلبوا الإفراج عنه وشهدوا له بحسن السيرة والسلوك، أكدوا استحالة أن يكون قد سرق حصان لكن الضابط ركب رأسه وأصر على أن ينتزع اعتراف منه بسرقة الحصان بأي ثمن .!
عاد العقيد إلى القسم وتذكر الورقة وبحث عنها فلما لم يجدا نادي الضابط :
فور دخول الضابط مكتب المدير ضرب الأرض بقدمه وحياه بالتمام فسأله :
ـ هل رأيت ورقة صغيرة مكتوب فيها اسم شخص وعنوانه؟
أجابه الضابط بثقة :
ـ قد قمنا بضبطه ولكنه ..
قاطعه العقيد :
ـ ضبطتم من؟!
أجاب الضابط بجدية :
ـ سارق حصان عبد الجبار سالم .
تهاوى العقيد فوق مكتبه وهو غير مصدق ما يسمع من الضابط، غشيه العرق وأحس بالخجل لكنه تمالك نفسه وسأله :
ـ أي سارق وأي حصان؟
أخرج الضابط الورقة من جيبه وناولها للعقيد قائلا :
ـ وجدت الورقة مكتوب عليها سارق حصان عبد الجبار سالم فقمت بضبطه وحجزه والتحقيق معه ..
قاطعه العقيد :
ـ الله يصيب شكلك يا ثور الورقة مكتوب عليها صادق حسان عبد الجبار سالم هذا مدرس كنت سأتعاقد معه ليعطي دروس تقوية لأبني تقوم تعتقله من بيته وتحتجزه وتحقق معه؟!
وصرخ في الضابط :
ـ الآن تحرك أفرج عنه واعتذر له
أفرج الضابط عن المدرس وأعتذر له عن سوء الفهم الذي حدث .
وفي المساء ذهب العقيد برفقة الضابط إلى منزل المدرس وقدموا اعتذارهم للمرة الثانية لكن المدرس قرر رفع دعوى قضائية ضد الضابط والقسم فقد اقتحموا منزله واحتجزوه بشكل تعسفي وعذبوه ولوثوا سمعته .
بعد وساطات عديدة تم الاتفاق على عقد جلسة صلح ورد اعتبار للمدرس بحضور أهالي المنطقة وفي تلك الجلسة تنازل المدرس صادق حسان عن حقه القانوني ولكن بشرط غريب جدا .!
لقد أشترط أن يقوم بإعطاء ابن العقيد دورس تقوية وتعليم وأن يعطي الضابط دروس في الخط والإملاء واللغة العربية، وأن يلبس الضابط ملابس الطالب ويحضر كل يوم برفقة نجل العقيد إلى منزل المدرس لتعليمه ولمدة عام كامل .!
في اليوم التالي اشترى المدرس هدية صغيرة لنجل العقيد وعصا غليظة لتعليم الضابط .!