في الأزمات الطاحنة التي تواجهها الأمم، يطل التاريخ ليعرض "حلولاً" من واقع ما شهده من تجارب .
وتجارب التاريخ متنوعة، وهي لا يمكن أن تتطابق من حيث وقائعها وحيثياتها ومعطياتها مع حاجات الزمن المتغير الذي تعرض فيه إلا بما تحتويه من مدلولات ومضامين .
يمكن الاستدلال بهذه المضامين في فك شفرات الأزمة وإيجاد مداخل للحل .
نوع الطبقة السياسية المتصدرة للمشهد هي التي تقرر الى أي تجربة تتجه، وغالباً ما تذهب الطبقة السياسية الى التجربة التي تشكل مساحة من وعيها، وليس بالضرورة أن يكون الوعي بالتجربة التي سيقع عليها الاختيار متماثلا معها من حيث البنية القيمية، لكنه بكل تأكيد يحمل مؤشرات على ارتباط عضوي تحكمه وشائج ثقافية وفكرية وسياسية .
وليس بالضرورة أن يعيد التاريخ انتاج نفسه في المشهد السياسي في الزمن المحدد إلا بالقدر الذي لا تستطيع فيه الطبقة السياسية مجاراة مكر التاريخ والتعاطي معه بمرونة، حينذاك يصبح اعادة إنتاج التاريخ عملية هزلية لأن التجربة المستوحاة ستكون بمثابة محاولة حشر الحاضر، بمتغيراته، بصورة تعسفية في قالب تاريخي بصورة تدعو الى السخرية .
٧ إبريل ٢٠٢٢ هو إعادة صياغة الطبقة السياسية اليمنية بقواعد استوحتها النخب التي تصدرت المشهد في مشاورات الرياض من ٥ نوفمبر ١٩٦٧ بمجموع الوقائع التي شكلت الخروج من مأزق حرب الدفاع عن الجمهورية يومذاك، ولكن من زاوية مختلفة من التاريخ ، وليس بالضرورة انه تكرار له .
سيتعين على هذه الطبقة في صيغتها التي خلص إليها الجدل المباشر وغير المباشر ، المعلن وغير المعلن ، وفي حدودها التي رسمتها معايير متأصلة في بنية الفكر السياسي العربي أن تعيد التموضع في مواجهتها للتحديات الضخمة لاستعادة الدولة ، وهي في تأديتها لهذه المهمة لا بد أن تستدل بقوة وعدالة قضيتها على قدرة بلا حدود للتغلب على كل ما يحيط بها من صعوبات ذاتية وموضوعية . لا شك أن البنية السياسية الاشكالية التي خرجت بها ستضيف تحديات أخرى امام مسؤوليتها، لكن هذا هو مكر التاريخ حينما يقف أمامه السياسيون متوسلينه المساعدة في اللحظات الحرجة .