ينشغل بالمعارك الصغيرة كل من فقد القدرة على أن يحجز مكاناً في التاريخ المحترم .
نحن أمام تحدي تاريخي تصغر أمامه الخلافات، وتتضاءل المصالح الخاصة، وتتلاشى المكاسب الآنية .
اتفق الناس منذ القدم على أن معايير "المثالية" التي يتحدث عنها كل شخص من موقعه يجب أن تكون محض مساهمة في وصول المجتمع الى المسار الصحيح الذي يؤمن تضافر جهد الجميع في تحقيقه .
كل الذين حاولوا أن ينفردوا مدعين بالموقف المثالي ، دون أن يتركوا مساحة في وعيهم لتقبل الآخر ، كانوا دعاة صراع أكثر من كونهم دعاة إصلاح ..
قل رأيك ولا تحاول أن تجعل منه موضوع صراع ، ليكن مساهمة في الوصول الى ما ينفع الناس ، ولهذا كانت مهمة دعاة الإصلاح على مر التاريخ البحث عن الحقيقة بالمفهوم الذي تتحقق معه مصالح المجتمع لا مصالح النخبة ، وهي بهذا المعنى مسئولية يضطلع بها الجميع ، ولا تتوقف عند أحد بعينه ، أو جماعة بمفردها .
كم هي الآراء الصحيحة التي هزمتها الآراء الخاطئة ودمرت بسببها المجتمعات بسبب أن الآراء وضعت في مواجهة بعضها في صورة تحديات لكسر الآخر ، ولو أنها وضعت على الطاولة لا لتتعسف بعضها وإنما لاستخلاص الحقيقة التي يحتاجها المجتمع لتجاوز أزماته .
هذا ما نحتاجه اليوم ، وقد جربنا كيف نكسر بعضنا ، الأمر الذي قادنا الى هذا الخراب ..
لنقبل اليوم ، ونحن نواجه هذا التحدي الوجودي الذي تعملق بسبب هذا الميراث البائس ، بحقيقة أن المسار الصح لا يمتلكه أحد بمفرده ، أو جماعة بعينها ، وإنما هي خلاصة جهد الجميع ، وهو درس استخلصناه من تاريخ مليء بالعبر لمن يريد أن يعتبر .