لدى الإدارة الأمريكية جشع لا تخفيه تجاه النفط والغاز، كما أن لديها حمق سياسي يتجاوز الحد في ربط سياستها في المنطقة العربية بالكيان الصهيوني ...!!
يقوم رئيس الإدارة الأمريكية بزيارة دول المنطقة ابتداء من يوم السبت القادم، وتأتي زيارته في ظل مزاج سياسي متغير، ومن السذاجة أن تتخاطب الإدارة الأمريكية مع دول المنطقة وفق الخلفية السياسية السابقة، أو بمزاج ما قبل الحرب الروسية الأوكرانية .
الإدارة الأمريكية تدرك - يقينا - ومن عهد بعيد بأن سمعتها في العالم العربي غير مشرفة؛ والسبب يعود إلى الإدارة الأمريكية نفسها؛ ولذلك كثيرا ما تردد هذا السؤال في أوساط النخب السياسية في واشنطن: لماذا يكرهوننا!؟
وهذا السؤال لا يعني العرب وحدهم، ولكنه يعني شعوبا كثيرة من غير العرب والمسلمين، عدى الكيان الصهيوني والنخب السياسية الحاكمة في إيران، بالرغم من بعث الأدخنة هنا وهناك لخداع العرب عن إدراك عمق وودّ السياسة الأمريكية الإيرانية ...!!
ما الذي سيحمله جو بايدن في زيارته للمنطقة وقد أدار ظهره لحلفائه وأصدقائه فيها؟ وهو الموقف الذي سيدفع - حتما - بالعرب إلى توسيع دائرة علاقاتهم والبحث عن أصدقاء أوضح مصداقية وأكثر وفاء .
ما يقوله رجل الشارع العربي عن أن الإدارة الأمريكية أقرب إلى طهران منها لأي عاصمة عربية، لا يكاد يبتعد عن الحقيقة شيئًا. وتدلل مقولة الشارع العربي على ذلك بالمواقف العملية للسياسة الأمريكية تجاه إيران التي تقف في مربع الراضي عن أذرع إيران، بل وغض الطرف عنها وتشجيعها على حساب البلاد العربية .
قد يحاول بايدن أن يستجرّ حديث الإدارة الأمريكية - الممجوج - عن الديمقراطية، والتي استخدمها البيت الأبيض كجزرة لخداع الشعوب، وفي الوقت نفسه كسوط يلوح به ضد الأنظمة العربية لابتزازها؛ بينما الحقيقة أن الإدارة الأمريكية ضد أي ديمقراطية حقيقية في المنطقة العربية .
وبغير حصافة؛ ربما يعرج الرئيس الأمريكي بالحديث عن حقوق الإنسان متناسيا أن حقوق الإنسان في عرف البيت الأبيض درجات ومكاييل متعددة، وليست درجة واحدة ولا مكيالا واحدا، وترويج بضاعة ثبت كذب صاحبها لا يمكن أن يسوقها من جديد ...!!
وليس بالضرورة هنا أن تتذاكى هذه السطور - كما تتذاكى البيت الأبيض - فنذكر بالغزو الأمريكي الذي استباح العراق، وأدخله في غيابات نفق مظلم ما يزال فيه إلى اليوم، ومقارنة موقفها من الحرب الروسية الأوكرانية اليوم !
ولأن مصطلح الإرهاب صار سيفا مصلتا بيد الإدارة الأمريكية، ويمثل أكبر وسيلة ابتزاز سياسي وأمني، فسيكون له الحيز الأكبر في ملفات رئيس الإدارة الأمريكية، فمسمى الإرهاب يعتبر لديها وسيلة الضغط المفضلة؛ ذلك أنها لا تستند إلى قانون، ولا خلق، ولا- حتى - حقوق إنسانية ...!!
أما اليمن فلن تحضر - في هذه الزيارة - كشعب ووطن، وقضية عادلة، وإنما يخشى أن تحضر - كصفقة قذرة - من بوابة الاتفاق النووي الإيراني، ومن خلال باب المندب، وكفقرة دعائية مستهجنة في دعاية البرنامج الانتخابي لجو بايدن، خاصة وهو يحضّر لانتخابات التجديد النصفية !
ما يجب أن تدركه شعوب المنطقة وأنظمتها، أن العالم يشهد تغيرا واسعا، وأن واشنطن لم تعد اللاعب الأبرز، ولن تكون اللاعب الوحيد بعد اليوم، وبالتالي فلا بد من الإفادة من هذه المتغيرات بما يخدم حاضر المنطقة ومستقبلها، وهو ما يستدعي قرارات شجاعة، ومواقف أكثر شجاعة، إلى جانب تعزيز التلاحم الرسمي والشعبي لمواجهة كل التحديات .