فشلت السلطة الشرعية في عهد الرئيس عبد ربه منصور هادي، في تقديم الدعم المستحق لجبهة مأرب التي تحتل موقعاً مفصلياً في معركتنا الوطنية لاستعادة الدولة والجمهورية وإنهاء التهديدات التي تستهدف كيان الدولة اليمنية، وهي اليوم عرضة للاستهداف من قبل السلطة الشرعية الحالية ممثلة في مجلس القيادة الرئاسي، في ظل الضغينة التي يظهرها بعض أعضاء هذا المجلس ضد مأرب ورجالها والمدافعين عنها .
إن مقتل اللواء محمد الجرادي يمثل أحد مظاهر الاستهداف الممنهج للقيادات الوطنية في مأرب، ولا يستطيع أحد أن يفسر لما هذا القائد بالتحديد تعرض لهذه العملية الإرهابية الغادرة من جانب القتلة وداعميهم، سوى أن قراراً ربما قد صدر لتحويل هذه المحافظة إلى ساحة للجريمة السياسية، وإدخالها في دائرة الموت العبثي الذي عصف بالعاصمة السياسية المؤقتة عدن وحولها إلى أحد أخطر البيئات اليمنية على القيادات وعلى النشاط الوطني .
أول ما يتبادر إلى الذهن فيما يخص مقتل اللواء الجرادي هو الدور المفترض لأجهزة البحث والتحري والجهاز العدلي ممثلاً في النيابة والمحاكم، فعلى هذين الجهازين يمكن الثقة بإمكانية وجود العدالة أو غيابها، وهو مدخل مناسب لمناقشة الحركة القضائية التي تطال عدداً من المحافظات اليمنية، وتبدو استثنائية وذات حساسية خاصة فيما يخص محافظة مأرب .
لهذا ينبغي أن نلتفت إلى مخاوف طيفٍ واسع في محافظة مأرب من الحركة القضائية الأخيرة التي شملت تغييرات في محكمة الاستئناف والمحاكم الابتدائية والمحكمة الجزائية الابتدائية والاستئنافية، والمخاوف تتزايد بصورة أعمق فيما لو طالت التعيينات النيابات العامة بما تمثله من أهمية استثنائية بالنسبة لحماية القانون وصيانة حقوق الناس وتسييج البيئة المقاومة التي تمثل الوجه الصارخ لمأرب هذه الأيام، في غياب أي اعتبار للوضع الاستثنائي للمحافظة ودور المقاوم .
إن استهداف القيادات العسكرية والأمنية قد يكون ضمن مخطط خبيث لكسر إرادة مأرب وتطويعها لصالح المشاريع التدميرية، وسيكون الوضع سيئاً للغاية أن يأتي هذا الاستهداف عبر أذرع الدولة، والأسوأ عبر الجهاز العدلي فيما لو ابتليت مأرب بتعيينات، تخرج النيابة من دورها الضامن لاستقرار هذه المحافظة والحامي لرجالها، وتحولها -لا سمح الله- إلى ذراع للنيل منهم وتمكين أعدائهم .
إنها مخاوف مشروعة للغاية خصوصاً أن مأرب ليست ككل المناطق أو الجبهات، فهناك من يشغل عضوية مجلس القيادة الرئاسي ويدخل في جدل عقيم يدل على الحماقة وقصر النظر، إذ يردد هذا البعض عبارات الغوغاء والمنتفعين والمشتغلين بالأجر اليومي في فضاء التواصل الاجتماعي، والذين يقللون من عظمة الإنجاز العسكري الذي يحققه المدافعون عن مأرب، بتكرار القول إن ما تبقى هو جزءًا من مديرية، لإظهار عدم جدوى التضحيات الهائلة والدماء الغالية التي سكبت في جبهة مأرب دفاعاً عن اليمن وثرواته وجمهوريته .
إن هذا الجزء من المديرية يضم ملايين اليمنيين، بما يتجاوز أكثر من نصف سكان الجزء الجغرافي الجنوبي من اليمن، وهذا الجزء من المديرية يمثل رأس حربة الفضاء الجغرافي الواسع الذي يشمل محافظات شبوة وحضرموت والمهرة وهي محافظات تعاني من خلل سكاني واضح ومن غياب أية تحصينات دفاعية حقيقية، وهو الأمر الذي يضع الجنوب المفيد بكامله بين يدي الحوثيين ومن يدعمهم إذا ما قدر لهم -لا سمح الله- تحقيق اختراق في جبهة مأرب العتيدة .
ستظل أعيننا ترقب التعيينات التي قد تطال جهاز النيابة العامة في مأرب والتي يفترض أن تتم، إذا كانت هناك ضرورة لها، بالتشاور مع قيادات مأرب، وعلى نحو ما تقتضيه الضرورة العسكرية والأمنية والاستراتيجية، وتجنباً لتأسيس منظومات دولة رخوة ومتواطئة في مأرب، ظاهرها التمثيل الشرعي للقضاء الوطني، ولأجهزة السلطة الشرعية، وفي باطنها التواطؤ والتآمر على القلعة الحصينة المنيعة التي تأسست في مأرب في ختام ثماني سنوات من الحرب المغمسة بغدر الحليف وخذلانه وتواطؤ الجبهة المزعومة للشرعية .