يبدوا أن الآمال تتضاءل أمام عودة مجلس القيادة الرئاسي للعمل بشكل متضامن وحقيقي من العاصمة المؤقتة عدن، في ظل هذا التشظي الذي توزع معه أعضاء هذا المجلس على العواصم والإقطاعيات السلطوية المحلية، أو في عهدة الكفيل الإقليمي.
لا أحد من معسكر الشرعية، خاصة أولئك الذين يتطلعون إلى عودة الدولة بكامل هيئاتها الدستورية للعمل في مواجهة الانقلاب والانتصار عليه، يرغب في أن يرى مجلس القيادة الرئاسي بهذه الوضعية المزرية وبهذه الهشاشة والحالة الراهنة من الضعف والارتهان.
وبغض النظر عن الخلفية الملتبسة وغير الدستورية التي أوصلت هذا المجلس إلى هرم السلطة الشرعية، فإن الوضعية الاستثنائية الذي يعيشها البلد، قد تبرر تلك الخطوة الراديكالية، لكن شريطة أن تأتي داعمة لجهود استعادة الدولة وحل الإشكاليات وتجاوز العثرات، وعودة الزخم إلى السلطة الشرعية ومؤسساتها.
أما وقد بدا الأمر على ما هو عليه اليوم، فإن الأمر جد خطير ويشير إلى تطورات سيئة للغاية بانتظار مستقبل ومصير الدولة اليمنية في ظل هذا الشلل أذى أصاب رأسها.
الرئيس رشاد العليمي بمعية ثلاثة من أعضاء المجلس في الرياض، هم: عبد العليمي، وعثمان مجلي، وسالم البحسني. أمام عيدروس الزبيدي وعبد الرحمن المحرمي فإنما يمضيان أوقاتاً تكتنفها الغموض في أبو ظبي.
وفي الداخل يُمارس سلطان العرادة مهامه كعضو مجلس رئاسة ومحافظ لمأرب، ويكتفي طارق صالح بإشغال المجال الإعلامي التابع له بعدد من الأنشطة ذات الطبيعة الإنسانية في الفضاء الجغرافي الذي تشغله محافظة تعز وساحلها الغربي.
هناك هجوم منسق يستهدف اللواء سلطان العرادة على وجه التحديد، وهذا الهجوم يعكس في تقديري أولوية أبو ظبي ونهجها الثأري ضد مأرب والقوى التي تدافع عنها. وعلى الرغم من أن العرادة لم يعرف عنه أن تصادم مع أبو ظبي إلا أن استهدافه شخصياً، يأتي على خلفية التزام الرجل بالتصرف بمسؤولية كبيرة إزاء مصالح مأرب كجبهة وطنية حساسة واستراتيجية وذات مكانة مهمة وتأثير كبير في تقرير مصير الدولة اليمنية.
المجلس الانتقالي يتحدث بوقاحة عبر ناصر الخبجي عن الموارد المالية التي تودع في فرع البنك المركزي في مأرب، ويصر على تجريد المحافظة من مواردها المالية، وإضافة المزيد من المليارات ضمن الخزينة الخارجة عن السيطرة في عدن والتي يستبيحها الانتقالي ويوفر عبرها المصاريف التشغيلية لمشروعه الانفصالي.
الهجوم يطال أيضاً رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وهناك من يحاول أن يعوض معنوياً غياب عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزبيدي عن عدن، بالحديث عن جدراته في شغل منصب رئيس مجلس القيادة، وهو أطروحات تعكس حالة الفوضى وتكشف عن المشهد الضبابي الذي يصعب معه توقع ما الذي يريده التحالف بالتحديد وما هي الخطوة المقبلة، وهل يمكن أن تشمل عملية قيصرية لإنتاج سلطة جديدة، أمام إبقاء المشهد فوضياً إلى أن يتم ترتيب مستقبل اليمن بشكل عام.
بالتأكيد هذا يمثل كارثة حقيقية لأن غياب النخبة والشعب اليمني عن الفعل والتأثير في مرحلة بهذا القدر من الحساسية، إهانة غير مستحقة وغير مقبولة، ويمكن تلافيها عبر فعل وطني جديد تماماً يملأ الفراغ الذي خلفته سلطة هشة كالتي تتصدر المشهد اليوم، ولا أظن أن طرفاً ما سيملأ هذا الفراغ أكثر من تكتل وطني مقاوم يتوسل السلاح والموقف الشجاع والإيمان الكبير بالوطن من أجل هزيمة ما تبدو أنها وقائع جديدة ومراكز قوى عصية عن الإزاحة.