يصادف يوم 19 نوفمبر 2022م ذكرى معركة القادسية بين العرب المسلمين وبين الفرس وهي المعركة الخالدة والتي استمرت ثلاثة أيام بلياليها وانتهت في مثل يوم 19 نوفمبر 636م الموافق 16 شعبان سنة 15 للهجرة.
بعد هزيمة المسلمين في معركة الجسر سنة 13 هجرية.
عمل القائد الأعلى للقوات المسلحة الإسلامية الخليفة عمر بن الخطاب على لملمت الجراح وعدم إعطاء الفرصة للفرس التقدم من أرض العراق.
فأعلن النفير العام في كافة أنحاء الجزيرة العربية لكل من يمتلك السلاح المبادرة للحضور إلى عاصمة الدولة الإسلامية (المدينة المنورة) استعدادا لمنازلة الفرس في أرض العراق فتجاوب معه المسلمون فازدحمت بهم شوارع المدينة وأزقتها.
فخرج الجيش الإسلامي من المدينة بقيادة الصاحبي الجليل (سعد بن أبي وقاص). كان عدد الجيش عند خروجه أربعة آلاف مقاتل منهم ثلاثة ألف مقاتل من أبناء اليمن كما قال ابن كثير في البداية والنهاية، ثم أخذت القبائل تلتحق بجيش سعد حتى وصل عدد الجيش الإسلامي في القادسية إلى أكثر من ثلاثين ألف منهم عشرة ألف مقاتل من أبناء اليمن وجميعهم وفدوا من اليمن.
وكان في الجيش ثلاثمائة من الصحابة ومنهم بضعة وسبعون من أهل (بدر) والبقية من أبناء الصحابة ومن التابعين وفرسان العرب الذين توافدوا من كل مكان. كان عمر بن الخطاب قد طلب من سعد أن يراسله كل يوم ويطلعه على تحركاته حتى يصبح كأنه واحدا منهم.
نزل جيش سعد في أرض القادسية وقدم إليه جيش الفرس بقيادة ( رستم ) أعظم قادة الفرس والذي وعد ملك الفرس بأنه سيدفن العرب في أرض القادسية ، وكان عدد جيش الفرس أكثر من مئة وعشرين ألف مقاتل، وكان القائد سعد قد تلقى رسالة عاجلة من القائد الأعلى للقوات المسلحة الإسلامية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يخبره فيها أن الجميع من عرب وروم وفرس ينتظرون نتيجة معركة القادسية يحثه على الطاعة والبعد عن الذنوب ومما قاله : ( فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم، وإنما ينتصر المسلمون بمعصية عدوهم لله؛ ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة؛ لأن عددنا ليس كعددهم, ولا عدّتنا كعدّتهم, فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة، وإلا لم ننصر عليهم بفضلنا, ولم نغلبهم بقوتنا.) . استمرت معركة القادسية كمعركة شديدة مدة ثلاثة أيام وهي أول معركة يتم فيها القتال ليلاً ونهارا. وقد كانت الغلبة فيها باليوم الأول للفرس والذين فاجئوا المسلمين بسلاح الفيلة ( ثلاثة وثلاثين فيل ) تحمل فوقها مقاتلين داخل صناديق يرشقون المسلمين بالسهام ، فكانت الخيل تفر من الفيلة وقد كان تركيز الفرس وكتيبة الفيلة في اليوم الأول على قبيلة بجيلة اليمانية ، حيث نقلت لهم عيونهم أن الخطورة تكمن عند تلك القبيلة التي كان على رأسهم الصحابي جرير بن عبد الله البجلي، وكانوا على ميمنة الجيش ، بينما كان يقود الميسرة (قيس بن مكشوح البجلي المرادي ) استشهد منهم الكثير في اليوم الأول دون أن تسقط ميمنة الجيش أو ميسرته ، وفي اليوم الثاني تعادلت الكفة مع الفرس خاصة بعد أن تم معرفة نقاط الضعف عند الفيلة فتم تحييدها بعد ذلك ، ومع إشراقة صباح اليوم الثالث بدأت الكفة تميل لصالح المسلمين وفي منتصف نهار ذلك اليوم المجيد السادس عشرة من شهر شعبان من السنة الخامسة عشرة للهجرة الموافق التاسع عشرة من شهر نوفمبر سنة 636م قُتل ( رستم ) قائد الجيش الفارسي فانهار الجيش الفارسي وعبر النهر متراجعا فتبعه المسلمون وقتلوا منهم الكثير وغرق منهم الكثير في النهر .
وعند غروب شمس ذلك اليوم الخالد كانت البداية الفعلية لغروب الإمبراطورية الساسانية التي حكمت لمدة ( 416) سنة ، وكذلك الإمبراطورية الفارسية التي تأسست عام 559 قبل الميلاد ، ، كان غروبها على يد أصحاب سيدنا محمد وأبناء أصحاب سيدنا محمد واتباع سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، وفي شهر صفر من السنة السادسة عشرة للهجرة كان فتح المدائن عاصمة الفرس ومسكن ملوكهم في أرض العراق، فأرسل سعد ابن أبي وقاص الغنائم إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه والذي أخذ يتفقدها ومعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أخذ الخليفة يقلبها وينظر إلى الأشياء الصغيرة فيها ثم يلتفت إلي علي بن أبي طالب قائلًا: يا أبا الحسن: قوم حفظوا مثل هذه الأشياء وأرسلوها إلى هنا لا شك أنهم أمناء ، فيجيبه صاحبه علي بن أبي طالب قائلاً: يا أمير المؤمنين عَفَفْتَ فَعَفُّوا ولو رَتَعْتَ لَرَتَعُوا .. استشهد من المسلمين في معركة القادسية ما يقرب من تسعة ألف شهيد وقتل من الفرس ما يقرب من أربعين ألف قتيل.. رحم الله تلك الأرواح التي ترقد في أرض القادسية منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة.
سلام الله عليكم يوم جاهدتم ويوم استشهدتم ويوم تبعثون. سلام الله عليكم نبعثها من أرض اليمن حيث يرقد معكم في أرض القادسية الآلاف من أجدادنا، سلام الله عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.