يعود ٣٠ نوفمبر حزيناً منكسراً، يسير بوجلٍ فوق الدروب المشققة ، يتنكب الطرق المقطعة ، ويتطلع بأسى إلى الجسور المعتمة محتاراً أيها تأخذه إلى الأفئدة التي حمل إليها البشارة ذات نهار منذ خمس وخمسين عاماً بالتمام والكمال .
توكأ ثقة البسطاء في بشارته القديمة ، وأخذ يلمْلَمَ الظلام من على الجسر الذي سار ، عليه ، كان الظلام حالك السواد ، أدرك أنها الساعة التي تسبق بزوغ الفجر .
أيها المرتحل عبر زمن البشارة وأزمان الانكسار ، ليكن عبورك نحو الأفئدة التي تنتظرك بفارغ الصبر ملهماً ، كن صبوراً وهي تشكو إليك ما فعلت بها الأيام ، عد بذاكرتها إلى الزمن الذي تدافعت فيه نوارس تشرين تبعث الحياة من مرقدها وتعلن التمرد على اليأس والبؤس والخوف وجلافة الدهر .
خاطبها بالحقيقة التي يتوقف عليها ، وعليها وحدها ، عودة الوعي بقِيَمك التي حملها الرواد الأوائل ممن أرادوا لتشرين أن يكون مطلع الفجر .. قل كل ما يختزنه قلبك من حزن ، وما يعتصر روحك من ألم وأنت تشاهد هذا الانكسار عكس ما بشرت الثورة التي حملتك فوق جباه الملايين مرددة :
أيا ثورة الشعب دومي مناراً
فإنا بهدي ضياك ابتدينا
وبعد أن تسامرهم ، صارحهم بما توصلت إليه من قناعة وهي أن النخب التي تناوبت حكم اليمن لم تستطع أن تحمل الأمانة ، لم تؤهلها التحديات للانطلاق بميراثك العظيم نحو المستقبل الذي بشرتَ به الناس .. أدمنت خيباتها ، ثم راحت تتزلف التاريخ وتثرثر وتستجديه شفاعة ؛ أخبرهم أن لا يركنوا مرة ثانية ولا يسلموا قرارهم للنخب لتقرر خيارات المستقبل نيابة عنهم .
لن يخمد أوارك يا نوفمبر المجيد في أفئدة البسطاء ، فلا زلت تبعث الحياة والأمل في زمن الجفاف وخيم الشتات التي انتشرت في ربوع اليمن وآفاق الأرض ، قل لهؤلاء البسطاء إن الأمل معقود عليكم في استعادة المبادرة ، وهناك طريق واحد لتثبيت حقكم في تقرير مستقبلكم ، وخياراتكم ، ومصيركم نقطة البداية والحاسمة فيه هي هزيمة المشروع العنصري الطارئ الذي يسوق الجميع إلى أحضان إيران ..
كل عام وأنتم بخير