ولد (يوسف) كفيفاً ولكنه لم يعتبرها إعاقة فقد حباه الله تعالى همة عالية وذكاء متقد وروح مرحة.
لم يستسلم ولم يخرج يطلب في الشوارع بل درس وجد واجتهد من أول إلى تاسع بمعهد المكفوفين ثم الدمج مع البقية في مرحلة الثانوية، نفس المنهج لبقية الطلبة ولكن يتم دراسته بطريقة اللمس (طريقة برايل) وعن طريق التسجيل الصوتي.
ومثله في الجامعة، ورغم فقدان يوسف لرعاية أمه بسبب انفصالها عن أبيه من وقت مبكر لكنه تغلب على كل الصعاب حتى وصل إلى المستوى الثالث بكلية الإعلام وسط حب شديد له من زملائه من المكفوفين ومن كل من عرفه نظرا لشخصيته الكاريزمية والمرحة فالطرفة لا تفارق لسانه، وكأنه يقول للدنيا: العمى يا دنيا هو عمى القلب والضمير لا عمى البصر لذلك لن نستسلم.
لكن وللأسف الشديد حدث ما غير كل ذلك عند (يوسف) ففي ذات يوم حصل خلاف بين يوسف وإخوته الأشقاء من جهة وبين إخوته من أبيه من جهة أخرى حتى وصل إلى حد الاشتباك بالأيدي ورغم انتهاء العراك إلا أن أحد إخوانه غير الأشقاء من المشتركين في العراك سارع إلى إبلاغ والده ووالدته في الغرفة المجاورة الذي حضر غاضبا فسلمته الخالة العطيف وقالت له: "اقتلهم هم عيالك ما حد يقول لك شيء وهذا حسب أقوال هاشم شقيق يوسف في محاضر التحقيق والذي أضاف قائلًا: "أخذ أبي العطيف وهوى به على رأس أخي الكفيف يوسف من خلفه لأن يوسف كان متجهاً نحو الباب للخروج وعندما رأيت أخي وقع على الأرض غارقاً في دمائه اتجهت نحوه فأقبل أخي إبراهيم وفي يده عطيف كذلك ورفع يده ليضربني على رأسي لكني حاولت أن أتحاشا ضربته فلم أتضرر كيوسف الذي تفاجأ بالضربة ومع ذلك أصبت وأجريت لي تسع غرز ووضعي الآن مستقر".
ما هذه الوحشية؟!
أين الرحمة أين عاطفة الأبوة تجاه ابنه الكفيف الذي وهو يهم بالخروج من الغرفة لم يتخيل على الإطلاق أن والده سيضربه بالعطيف على رأسه ليتم إسعافه بعد ذلك إلى المستشفى الجمهوري بصنعاء ليعلن الأطباء بعدها أن يوسف سيقضي بقية حياته على كرسي متحرك فقد تأثر الدماغ من ضربة العطيف وأصيب يوسف بشلل في جنبه الأيسر، القضية الآن في النيابة والأب مع ابنه إبراهيم محتجزان هناك.
تخيلوا أن الذي عمل على متابعة الملف وتحويله إلى النيابة هو طالب كفيف من زملاء يوسف والذين يزورونه في المستشفى أغلبهم من المكفوفين والذين يعاملوا له على كرسي متحرك هم من المكفوفين ، لا وجود للمبصرين وخاصة من الناشطين والمحامين الذي ينبغي عليهم الحضور في هذه المأساة الإنسانية، عذرا يوسف فنحن مجتمع لا نرحم، عذرا يوسف فنحن مجتمع لا نحس، لا تستغرب يا يوسف إذا سمعت أن هناك من سيراجع على إخراج أبيك وأخيك والدنيا عوافي ، أن الله سيحاسبنا جميعا أن خذلناك وأولنا من ملفك الآن بين أيديهم ، عذرا يوسف نحن مجتمع تسود أوساطه الهمجية فمن بيننا من يصور بنت متخلفة عقليا مع الكلاب ويوثق يديها إلى خلف ظهرها ثم يأمرها أن تعض الكلب الصغير وبعد ذلك ينشر كذبا وزورا إنها تمص دماء الكلاب وما ذاك إلا من أجل الشهرة والمتابعين في مواقع التواصل، عذرا يوسف فأنت تعيش مع إخوة يوسف ولكنك بالطبع لا تملك أب يحمل بعض صفات يعقوب، المعذرة منك يا يوسف فهذا جهد المُقل، أعانك الله يا يوسف وهيأ الله لك سيارة تدلي بدلوها وتخرجك مما أنت فيه وما ذلك على الله بعزيز .
