;
د.ياسين سعيد نعمان
د.ياسين سعيد نعمان

القضية الجنوبية؛ إلى أين؟ 6 823

2022-12-21 08:24:38

الحلقة رقم ٦

بعد حرب ١٩٩٤ توزعت قيادات الحزب الاشتراكي اليمني والقيادات الجنوبية على المنافي في عدد من البلدان العربية والأجنبية، وصودرت ممتلكاتها ومساكنها، انخرط كثيرون فيما عرف بحركة "موج"، واستقر نائب الرئيس في عمان وبقي على تواصل مع بعض قيادات الحزب في الخارج، وواصل آخرون التزامهم للحزب. أخذت سلطة الحرب تعيد بناء علاقاتها بترسيم الحدود بموجب اتفاقية ١٩٣٤ مع المملكة العربية السعودية . 

في هذه الفترة تم إعلان إنهاء "موج " ، وغادر النائب مسقط، وقام الرئيس صالح بزيارات متكررة للإمارات العربية المتحدة، طلب في إحداها من السلطات الإماراتية أن يلتقي ببعض القيادات التي استقرت في الإمارات والتي بلغ عددها ما يقارب الستين أو السبعين قيادياً مع أسرهم وأبنائهم، وفعلاً ذهبنا للقائه حوالي أربعة أشخاص وكان ذلك بحضور المرحوم محسن العيني، لم يكن لديه ما يقوله سوى أنه طلب منا العودة، وكأنه يسجل موقف "متصالح" أمام الإماراتيين، وكان كعادته يختار موضوعاً للحديث وينتقل منه إلى آخر. لم يخلص اللقاء إلى نتيجة.

في اللقاء الثاني وكان بعد ثلاث سنوات من اللقاء الأول، وكان بناءً على طلبه من سلطات الإمارات أن يكون مع الجميع.

حضر الجميع تقريباً اللقاء ، انتظرنا أن يكون هناك نقاش من نوع ما ، لكن اتضح لنا أن المقصود هو إقناع الإماراتيين بإنهاء الاستضافة وهو الأمر الذي كانت تعمل عليه قيادة صنعاء بقوة من خلال المتابعة بالرسائل الدبلوماسية للسلطات الإماراتية والتي كانت تنص على أن بقاء هذه القيادات في الإمارات يضع العلاقة الثنائية بين البلدين على المحك . 

تركت السلطات الإماراتية للنازحين فيها حرية البقاء أو المغادرة دون أي ضغوط، التقى بعدد منا الشيخ محمد زايد عام ٢٠٠٢ وكان رئيساً للأركان وقال أنتم في بلدكم، نريد أن نعرف فقط مَن مِن القيادات الموجودة هنا لا تستطيع العودة وأن حياتها معرضة للخطر، وهل ممكن الاتفاق على بقاء هذه القيادات المحدودة فقط؟

( كان قد حددها باثني عشر ) .

شكرناه على الاستضافة، وقلنا له لم نجد في هذا البلد إلا كل خير، لكننا لا نستطيع أن نقوم بمثل هذا التحديد فجميع القيادات السياسية والعسكرية المستضافة في بلدكم الشقيق هي قيادات مهمة وتعرضت للقهر والظلم وهي معرضة للملاحقة، ونرى أن يترك التقدير لكل واحد منهم فيما يخص أمنه الشخصي.. كما أننا لا نريد أن نتسبب لكم في أي إحراج، ولا نريد أن يكون بقاؤنا سبباً في تعطيل مصالح بلدكم . 

بعد ذلك، هناك من قرر المغادرة إلى أوروبا وأمريكا، وهناك من قرر العودة إلى اليمن ، وهناك في بقي في الإمارات ولكن بدون استضافة . وكنا ضمن من قرر العودة إلى اليمن . 

shape3

أخذ الحراك السياسي يتسع وينضج  ميكانيزماته بالاستناد إلى الدوافع السياسية والاجتماعية والحقوقية التي تفاعلت معاً لتضع القضية في إطار شعبي واسع . وكغيرها من الحركات الاجتماعية التاريخية أخذت تشتعل بتجاذبات لا تتوقف عند أهداف بذاتها ، بل راحت تتصاعد بخطاب أعلى وآخر معتدل . وأدت هذه التجاذبات إلى خلق تحديات حقيقية أمام القضية من خلال محاولة بلورة هوية "خاصة" صدامية مع ما كان قد ترسخ في الوعي الاجتماعي من مقاربة وطنية للحل بعيداً عن أي غلو في فرض القوة ، أو الهروب إلى استعارات سياسية للتمسك بهويات لا تشكل إطاراً سياسياً ونضالياً للجميع ، بمعنى وضع "الجنوب العربي" في مواجهة مع اليمني . 

لقد أقحم هذا الموضوع في المسار العام للقضية ليطرح عدداً من الإشكاليات الشائكة التي لم تكن تعني أكثر من أن هذا التوجه لا بد أن يحمله خطاب سياسي صدامي لفرز ما هو جنوبي عما هو يمني !! وهو ما أدى إلى شروخ خطيرة في الحامل السياسي للقضية الجنوبية.

كما أن الخطاب الذي تحمل مسؤولية هذا الفرز وجد نفسه أمام موروث سياسي وطني وتاريخي يصعب تخطيه إلا باستخدام تعبيرات صدامية أغلقت جزءاً كبيراً من مساحة المشتركات السياسية في مواجهة سلطة ما بعد الحرب التي استفادت من هذا الخطاب لتعبئ قطاعات واسعة من الشعب في مواجهة القضية بسبب هذا الخطاب . 

ولم يسلم الحزب الاشتراكي من هذا الخطاب ؛ وفي حين كان البعض يحمل الحزب مسؤولية ما آل إليه الجنوب بسبب الوحدة ، بل ويذهب البعض إلى ما قبل الوحدة في استعراض لا تاريخي يتجاوز حاجة القضية في مسارها الراهن والمتصاعد ، في الوقت الذي راح فيه البعض الآخر ينتقد عدم قيادة الحزب الاشتراكي لذلك الحراك ، على الرغم من أن كثيراً من قيادات الحزب انخرطت في الحراك ، وكثير منها أخذ يكيف مقارباته السياسية في ضوء معطيات الواقع الذي ينشط فيه ، إما تجنباً لأي ابتزاز قد يمارس عليه ، أو لقناعات رتبتها ظروف الشخص الخاصة ، وهو ما جعل الحزب يعيد بناء منهجه السياسي والتنظيمي ليستوعب هذا الوضع الداخلي له بكل متغيراته .

لقد شكل النضال السلمي الديمقراطي للحزب الاشتراكي سياجاً داعماً للحراك السلمي، حيث حرص على دعمه والمشاركة فيه على أن لا يكون وصياً عليه.

ظل الحزب يؤكد على أهمية الدفع بهذه التفاعلات السياسية والاجتماعية وتوسيع مساحتها ومساحة تحالفاتها وترشيد خطابها، وكان يصر على أن ينتج الحراك قياداته الميدانية دون وصاية من أحد ، وانتقد كل محاولة لإعادة إنتاج القيادات النخبوية من الأعلى بأي تسميات أو أي انتماءات كانت .. ويمكننا اليوم ، وبالوقائع ، إثبات صحة هذا الموقف . 

وفي سياق متصل بمسار القضية الجنوبية ، جرى تفاعل سياسي وشعبي واسع على صعيد اليمن أكد أن النظام ، وصل إلى مأزق لم يعد فيه قادراً على مواجهة المشكلات المعقدة فلجأ إلى العنف وإشعال الحروب ؛ وأخذ القمع الذي تعرضت له القضية الجنوبية يدك تجليات الصيغة الوطنية التي ظلت تبشر بها ، ويكرس على نحو مستمر صيغَ البحث عن حل للقضية بمسارات أخرى مثل فك الارتباط ، وتقرير المصير ، واستعادة الدولة . 

وكان من الطبيعي أنه كلما اتجه الوضع العام نحو مواصلة إنتاج أزمة وطنية عميقة، كلما ولدّ هذا مساحة أوسع للقضية في الوعي المجتمعي ، والتمسك بخيارات الحل الأعلى سقفاً . يتبع

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد