في المقابلة التلفزيونية التي أجرتها قناة العربية مع الدكتور رشاد العليمي، بدا رئيس مجلس القيادة جازماً في تأكيده بأن المجلس بخير وأنه لا يعاني من الخلافات، وأنه سيغادر الرياض عائدا إلى عدن رفقة عضو المجلس عيدروس الزبيدي المتواجد حتى اللحظة في أبو ظبي.
وقبل أن يتحقق هذا الوعد وجد الرئيس نفسه معنياً بإتمام الصفقة الأكثر بؤساً بين الرياض وأبو ظبي، ففي مقابل التقليل من أثر عيدروس وجماعته في عدن، أقر مجلس القيادة الرئاسي بتطلعات الانتقالي الانفصالية.
ومن الجهة المقابلة يبالغ ناشطو وإعلاميو الانتقالي في تقدير مكانة الانتقالي ونفوذه وهم أدرى من غيرهم بأن الوزن السياسي للانتقالي بات خفيفاً جداً في عدن والجنوب، وان بيان مجلس القيادة المهادن لتطلعات للانتقالي الانفصالية لم يأت نتيجة انزعاج وغضب الانتقالي كما يسوق هؤلاء، كما أن هذا الانزعاج لم يكن وحده كافياً لأن يدفع مجلس القيادة الرئاسي إلى مناقضة موقف الحكومي المرحب ببيان الاتحاد الأوروبي الذي انتقد المجلس الانتقالي صراحة واتهمه بتعطيل عمل مجلس القيادة الرئاسي.
لا شيء من هذا كله يبرهن على أن لمجلس القيادة ورئيسه كما للمجلس الانتقالي، وزناً مرجحاً. في توجيه مسار الأزمة اليمنية والحرب متعددة الأطراف.
لقد تم توبيخ المجلس الانتقالي، وجرى تطييب خاطره بناء على إملاءات طرفي التحالف والتوازنات الحاكمة لموقفهما تجاه حرب اليمن وغيرها من القضايا الإقليمية والدولية.
ولعل أكثر ما يخيب آمالنا جميعاً هو أن الدكتور رشاد العليمي يعاود السير مجدداً ودون تمييز أو تمحيص أو مناقشة، خلف ترتيبات دولتي التحالف، ومنها هذا البيان الصادر عن الاجتماع الافتراضي لمجلس القيادة الرئاسي الذي ناقض فيه المجلس بيان الحكومة وامتدح مواقف الأطراف والقوى السياسية ومنها المجلس الانتقالي وأقر بتطلعاتها السياسية، فقط ليمرر تطلع الانتقالي نحو تحقيق الانفصال.
هذا الموقف البائس للمجلس الرئاسي يضاف إلى موقفه من حرب الميلشيات الانفصالية ضد الجيش والأمن في مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة، وإلى سلسلة من القرارات التي ثبَّتَتْ أسوأ الأشخاص في مناصب السلطة الشرعية الهشة والضعيفة والمفتقرة للإرادة المستقلة.
إنه لشيء مؤسف حقاً أن يجري تقسيط جريمة الانفصال بهذه الطريقة المكشوفة، أو شرعنة الخيارات المؤدية إلى تفكيك الدولة اليمنية أو إضعافها ومصادرة قرارها السياسي على المدى الطويل، وهو توجه من الواضح أن التحالف يتبناه بقوة ويراه المحصلة المثالية لحربه العبثية في اليمن.