لم يعد المواطن اليمني والمتابع لمجريات الحرب والتعبير الأدق مجريات اللاحرب واللاسلم فحياة البرزخ التي نعيشها منذ سنوات أي بعد ما سمى بتحرير المحافظات الجنوبية والتي انتقل ثقل التحالف مع معدات عسكرية لأطراف اليمن المهرة وحضرموت وسقطرة بين الجيش اليمني وضع له خطوط حمراء في أي خطوة يبداء بتحريرها أما اليوم فقط أصبحت الشرعية التي نصبت من خارج الحدود مجرد ديكور وغطاء لدولتي التحالف لاستمرار التنكيل باليمن . ومن حسن حظ الميليشيا الحوثية أن خصومهم من اليمنيين ضعفاء غير مسنودين من التحالف الذي يجعل منها فقط مظلة لاستمرار تنفيذ أجندته بينما سعى من أجل أن يتغلغل الانقلاب المستنسخ ليصبح هو كل الشرعية ونخرها من الداخل . في آخر إحاطة للمبعوث الأممي لليمن في مجلس الأمن كانت مداخلة الدبلوماسي السويدي يوم 15 يناير عن بعد فهو اليوم لازال في صنعاء أو غادرها . حركة الحوثي عرفت نقطة الضعف لدى دولتي التحالف ولاسيما السعودية التي تلهث وراء أي سلام عله يخرجها من مستنقع اليمن . والوساطة العمانية قد تنتج اتفاق ومعاهدة بين الميلشيا الحوثية وما يسمون أنفسهم أنصار الله والسعودية . طبعا السعودية تطلب ضمانات إقليمية ودولية ولعل عمان والكويت ستكونان الضامن الإقليمي وروسيا إلى جانب الصين ربما من قبل الأطراف الدولية المؤثرة طبعا كل هذا بإيحاء وضغوط ما يسمى بالمجتمع الدولي الذي هو رسميا مع الحكومة الشرعية لكن عمليا يميل لحركة الحوثي . بينما حكومة الشرعية المرتهنة منذ أكثر من سبع سنوات لا زالت أسيرة القرار المستقل الحر . فبداهة قبل أن نحرر صنعاء واستعادة الدولة على الرأي العام اليمني أن يضغط بشتى الوسائل لتحرير ما يسمى بالشرعية من التبعية وتحرير القرار اليمني والسيادة اليمنية . حركة الحوثي أدركت نقطة الضعف لدى خصومها الإقليميين وحكومة الشرعية التي تعاني احتدام الخلافات البينية بعد أن أصبح الانقلاب المستنسخ ليس فقط شرعي بل والمتحكم بقرارات الشرعية . قبل نحو شهر أعلن الاتحاد الأوروبي في بيان بأن يقف إلى جانب وحدة الأراضي اليمنية ولمح للحركة الانفصالية فيفترض أن ذلك البيان لصالح اليمن ويسير في مصلحة الشرعية اللافت أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي أصدر بيان وتصريح غاضب على الموقف الأوروبي وقال إنه أشبه بالتدخل ولم يكن دقيقا ! الخلاصة في هذا السياق أن ضغوط الإقليمي من خلال الوساطة العمانية مدفوعة من المجتمع الدولي وتحديدا الأمم المتحدة وواشنطن يبدو أنه من المحتمل أن تنجح تلك المساعي لكن بشروط الحوثي لأنه واقعا هو المسيطر على المشهد العسكري والسياسي وسيفرض شروطه كما يريد ناهيك عن حصته في الحكم المستقبلي ليس كحزب الله بل سيكون هو كل شيء تقريباً . فاحتمال وفق سيناريو الاتفاق المستقبلي المفترض أن تكون ميلشيا الحوثي شريكا نظريا بثلث السلطة لكن عملياً ستكون أغلب السلطة بيد هذه الميليشيا منها عدم تسليم السلاح فقط تدمير الأسلحة الاستراتيجية الصواريخ والطائرات المسيرة من أجل ضمان عدم قصف السعودية مستقبلا واستحداث شريط منطقة منزوعة السلاح تفصل الحدود اليمنية الشمالية مع الجارة السعودية ولهذا كلا من حركة الحوثي والإقليم يتفاوضون بعيدا عن رغبة اليمنيين وفي غياب دور للشرعية التي يفترض أنها تمثل اليمنيين . ولسان حال اليمنيين: إذا كانت الشرعية تنتقد الموقف الأوروبي والألماني، أخيرا فإن احتمالات أن تضع أوزارها بطريق التسوية والمفاوضات أكثر من احتمال الحسم العسكري لان التحالف أعجز من أن يحسمها وحتى لو حشد الطاقات فنظريا احتمال تحرر صنعاء لكن هذا مستبعد لأن السعودية لا تريد أنت تنتهي بهذه الصيغة وكان ذلك ممكنا في الشهور الأولى التي أعقبت تحرير المحافظات الجنوبية . وانتهى الحرب بهذا الصيغة الافتراضية بداهة لا يعني سلام مستدام لكن تمكين للحوثي وإنقاذ للسعودية . لأن هذا السيناريو يمهد لحرب تلد أخرى . وفي هذا السياق أعجبني مقال للصديق الكاتب ياسين التميمي ذيله بالفقرة التالية : إن أبعد ما يريد المجتمع الدولي بقيادة واشنطن والرئيس جو بايدن؛ تحقيقه في اليمن، هو إنهاء الحرب ولو عبر هدنة أو وقف دائم لإطلاق النار؛ ليس من المستبعد أن تنتج وضعاً مشابها لما تشهده شبه الجزيرة الكورية منذ خمسينيات القرن المنصرم . أقول ذلك لأن الواقع الذي تكرس في اليمن بعد سبع سنوات من الحرب يعج بالتعقيدات التي لا يمكن حلحلتها إلا بحرب تُحسم لصالح الدولة اليمنية التي يتفق عليها معظم اليمنيين، وليس البقاء في الدائرة المفرغة من المفاوضات الهادفة إلى تمكين المليشيات من قيادة يمن هش ومُجزَّأ ومُهيمنٍ عليه .
عبدالوهاب العمراني
هل تكون هناك تسوية كما تريد السعودية وبموافقة الحوثي؟ 909