الشهيد العميد عبده محسن الرماح قائد اللواء ٨١ مشاة، القائد الشهم النبيل الذي جمع معاني الوفاء والرجولة والأخوة والصدق والحب، مد يده للشباب وانتشل غالبيتهم من ظروفهم الصعبة وكان نقطة تحول وانطلاقة للكثير، امسك بأيدي كل الباحثين عن المساعدة والمساندة رغم ظروفه القاهرة، كان يحث الجميع بمساعدة ومساندة كل الناس المحتاجين، كان حريصا على حفظ كرامة وحريات الناس كثوابت غير قابلة للمساس أو المساومة، فكان كالغيم حيثما حط نفع، فحظي باحترام وحب الجميع.
ولإيمانه الكبير بأن الأوطان لا تبنى وترتقي إلا بالعلم فقد ساهم في وعي الشباب من منطلق ما يؤمن به وهو ما كان يردده على لسانه (على رجل الوعي الوطني ألا يكون جامدا كالتمثال.. بل كفاءة قائمة بذاتها وقوة صلبة تناوش الظلم والجبروت والطغيان) ليمتد ذلك الوعي إلى تشجيع الشباب على مواصلة التعليم وبناء قدراتهم العلمية والمعرفية لضمان مستقبل مزهر ومتطور.
كان العميد الرماح قائدا جمهوريا ثوريا نزيها مخلصا وفيا صادقا فطنا متزنا قوي الشخصية والإرادة تاريخه مشحون بألق النضال والكفاح والتضحية والفداء، سلوكه في الحياة الأخلاق النبيلة، وفي الانضباط والقيادة والإدارة نموذجا يقتدي به، تقابله فتعانقه كأحب رجل ملك قلبك، تستمع إلى كلماته فترتشفها كأحلى شراب أهدي إليك، تحوم الظلمة أمامك فتتصل به فينبلج الفجر من جديد.
عقب التواصل به من قبل قيادة وزارة الدفاع لعرض عليه شغل منصب قائد اللواء ٨١ مشاة، اتصل بي واستشارني في الأمر، وشرحت له وضع اللواء والصعوبات التي يواجهها، وكنا في وضع استثنائي ومعاناة وشح إمكانيات وقلة دعم... إلخ.
وكنت صريحا معه لأنه يريد معرفة حقيقية الأمر، وكنت متخوفا من رفضه للقبول بالمنصب بعد معرفة الحقيقة والصعوبات الكبيرة، فبعد أن أكملت حديثي.. قال إذا قبلت العمل، وهذا تكليف لا تشريف، وأسبوع وأنا عندك في مأرب، وكان عند وعده وصل واستلم اللواء وأعاد ترتيب صفوف اللواء، وتقدم الجند في جبهات القتال وافترش الصحراء وعانق الأبطال، شعرا بالمسؤولية تجاه ما يتعرض له الوطن والشعب من إرهاب ممنهج عم كل مفاصل الحياة من قبل ميليشيات السلالة الفارسية التي تجردت من الأخلاق والقيم والأعراف والتقاليد وكان دائما يردد القول (إن معركة اليمنيين اليوم معركة وطنية خالصة وليست دينية مذهبية ولا مناطقية ) .
كان آخر لقائي به قبل استشهاده بأيام قليلة، وكنت في خط صرواح ومعي جرحى سريتي أخرجتهم لتغيير أجواء المستشفى، وإذا به يسابقني ويناديني جنب يا حبوب، وهو الأحب إلى قلبي، فركنت السيارة على قارعة الطريق، ونزلت وهو قابلني إلى الرصيف، وتسالمنا بالأحضان كل منا سأل الآخر عن الأخبار وأحواله وأوضاع سير عمله، فشكوت له من تأثري من فراق قائد لوانا وكان بعد أيام قليلة من تغييره، وأبديت له تخوفي على سير الجبهة واللواء بعد تغيير القائد، "وقلت له فلان تركنا وراح"، قال لي وهو يبتسم "طبيعي أنتم القادة أنتم، وخوفي تتركوننا أنتم، أما فلان وأنا وكل القادة الحاليين فنحن جسر عبور لكم يا قادة المستقبل".
وطمأنني من جوانب كثيرة، كيف لا أطمئن وهو القائد الملهم، الذي يمنح الأمل ويزرع الثقة ويصنع الرجال ومعلم الأخلاق.
الرحمة والخلود للشهيد الرماح وجميع شهداء الوطن
ولا نامت أعين الجبناء