لم يكن أحدا يتخيل أن هناك بشرا يمارسون الخبث والإجرام في حق الشهداء الذين ارتقوا إلى ربهم، إلا أن جماعة الحوثي أثبتت أن هناك من يمارس أبشع من ذلك وبكل فخر، وكانت هي المبادرة في ذلكم الإرهاب الفريد.
تم التواصل الأول من أمس مساء مع أسر الشهداء في مأرب من أجل الاستعداد كي يتم تسليم جثامين أقاربهم صباحا، ثم تم التأجيل من قبل المليشيات الحوثية إلى وقت لم يحددوه، ثم تواصلوا فجأة ظهرا وقالوا بأنهم في الطريق.. انطلق المعنيون وأخرجوا جثث الحوثيين من الثلاجات..
وصلنا إلى مكان التبادل، حيث كانت جثث القتلى الحوثيين لدى الشرعية رفقتنا، وكانت تلكم الجثث مكتملة، والواحدة منها تزن عشرا، ولم تتغير ملامح أصحابها، حيث كانت ٢٨ جثة موزعة على سيارتين ...
وصلنا إلى المكان المتفق عليه، وانتظرنا ما يقارب ٣ ساعات ولم يأت الحوثيون بجثامين شهدائنا.. تواصل معهم المعنيون وهواتفهم مغلقة، فاكتشفنا أنهم تعمدوا تأخير الجثامين لساعات بين الشمس وسط الصحراء، بينما جثثهم تم إخراجها من الثلاجة إلى السيارات ثم إلى مكان التبادل مباشرة، وبينما كانت جثثهم في سيارتين كما أسلفت، وصلت جثث شهدائنا مرفوسة في سيارة واحدة ظلت لساعات طويلة بين أشعة الشمس...
لم يتوقف الأمر عند هذا، بل عندما فتحت جثامين شهدائنا وجدنا جثثا غير مكتملة، وعظام مطحونة، والسليمة منها كانت مشوهة ومرشوشة بمادة الأسيد في كل أنحاء الجسم.. لقد أحرقوهم بالأسيد قبل استشهادهم كما وضح المعنيون...
كانت جثة صهيري عبد الوهاب الشاجع يبدو عليها آثار التعذيب ورش الأسيد في أنحاء متفرقة من جسمه، وهذا دليل واضح أنهم عرضوه ورفاقه للتعذيب الشديد، فقد أدانوا أنفسهم سابقا وأظهروا عبد الوهاب على قنواتهم وهو حي يرزق وهم يقومون بتضميد جراحه أمام الكاميرات حتى يقال إنهم رحماء، ولم يكن عليه أي آثار تعذيب، بينما وصلنا جثمانه وكل جسده مرشوشا بالأسيد وعليه آثار تعذيب وتفاصيل لن أستطيع ذكرها هنا، فقد وثق المختصون كل شيء من أجل إدانة ومحاكمة أسوأ وحوش بشرية لم يشهدها اليمن امتد إجرامها منذ عام 897م.
نحن هنا لا نبالغ ونتجنى على هذه الجماعة الإجرامية، فقد مارست أسوأ من ذلك، إنما هنا أتحدث عما رأته عيني وأصريت أن أروي لليمنيين ولكل الحقوقيين والعالم كيف تتعامل هذه الجماعة الأكثر من إرهابية مع من لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، ولنا أن نتوقع أكثر من ذلك، فقد روى لنا أحد أقارب الشهداء السابقين أنهم أحرقوا جثة قريبه كاملة بعد سحبه خلف إحدى سيارتهم على كل الجبهات التي قاتلهم فيها، ولم يتبقى من جثته شيء...
كل هذا تصنعه المليشيات في حق شعب عرف بالبأس الشديد، فهل يسكت عنها؟
عموما هي رسالة يجب أن تصل للجميع وليتحرك كلا في مجاله، فالحقوقيون والمنظمات يجب أن يحركوا هذا الملف في كل المحافل، وليتحرك العسكريون في مجالهم، وكذا الإعلاميين والسياسيين، وكلا في مجال تخصصه بصدق ومسؤولية حتى نقضي على هذه الجائحة التي لم نتعرف على اسمها وفصيلتها حتى الآن، فقد تجاوزت كل الجوائح إجراما وتنكيلا...