على الرياض أن تدرك أن الخارطة التي تحاول صنعها لليمن داخل الغرف المغلقة. هي نفس الخارطة التي ستطبق على السعودية في المستقبل القريب.
هكذا تقول عدالة السماء. وهكذا يقول التاريخ، وهكذا يقول المنطق. وهكذا تقول السياسة.
فمسكين من يعتقد أن التاريخ سيتوقف عنده وينحاز إليه.
لقد وقف عبيد الله ابن زياد مزهوا في قصر الكوفة، وهو يقلب رأس الحسين ابن علي بين يديه، معتقدا أن الدنيا قد دانت له. وما هي إلا مدة وجيزة حتى كان رأس عبيد الله ابن زياد نفسه بين يدي المختار الثقفي يقلبه في نفس المكان ومعتقدا نفس الاعتقاد، مضت فترة ليست بطويلة فإذا بمصعب ابن الزبير يقلب بين يديه رأس المختار الثقفي وفي نفس القصر، وشعاره: نحن إذا قلنا فعلنا.
ولكن الزمان قال كلمته وفعل فعلته. فلم يطل الزمان كثيرا حتى كان عبد الملك ابن مروان يلعب براس مصعب ابن الزبير بين يديه وفي قصر الكوفة نفسه، فقال من كان حول عبد الملك ابن مروان: الآن تم تثبيت حكم بني أمية إلى الأبد.
ولكن لا أبد في هذه الدنيا لأحد.
فبعد أقل من ستين عاما كان أمراء البيت المالك لبني أمية ورجالهم يهيمون على وجيههم في كل واد.
يطاردون ويذبحون في الطرقات والشعاب والوديان، ولسان حالهم يقول: لم نعمل حسابنا لمثل هذا اليوم ولم يخطر في بالنا على الإطلاق.
فيا حكام الرياض: يا من قلتم إنكم أتيتم لإنقاذ اليمن. لقد فكرتم ثم قدرتم، ثم نظرتم، ثم عبستم وبسرتم، ثم استكبرتم وغدرتم ومكرتم، فحبستم وقسمتم وبعثرتم وملشنتم. وشيطنتم. واشتريتم.
فيا هؤلاء لا تنسون وأنتم تصنعون في الغرف المظلمة خارطة لليمن تعتقدون أنها ستكون لصالحكم وتحقق طموحاتكم، لا تنسون أن تجعلوها أصلا وصورة طبق الأصل. فأنتم في الحقيقة تصنعون خارطة للسعودية قبل اليمن.