يصر إعلام الانتقالي وقبله الإعلام الإماراتي وغيره عند الحديث عن مأرب بقولهم: "مأرب يحكمها الإصلاح"، "الإصلاح يتحكم بمأرب"، إلى آخر هذه العبارات.
ومع أن هذا الكلام غير صحيح فمأرب تحكمها كل القوى السياسية بعناوينها المختلفة، ومع ذلك فلو سلمنا للانتقالي بهذا القول، فهو حجة على الانتقالي ومن يقفو خلفه لا لهم.
فقد استلم الإصلاح وفق تعبيركم مأرب وهي شبه مدينة تفتقر إلى أبسط المقومات وتفتقر إلى الأمن والاستقرار، فحولها (الإصلاح) إلى مدينة حديثة مترامية الأطراف ويشار إليها بـ"لبنان"، ما بين الفترة وأخرى يتم افتتاح شارع جديد، مدينة تحوي ما يقرب من أربعة ملايين نازح ووفرت لهم الكهرباء بالمجان والماء بالمجان.
في مأرب تجد موظفين مدنيين وعسكريين من كل أبناء اليمن الكبير، وكذلك المواطنين، فهذا الصراف من حضرموت، وصاحب هذا المتجر من يافع، وصاحب هذا المطعم من إب، وهذا الفندق من تعز أو من صنعاء وهكذا، وكأنك في العاصمة صنعاء.
في مأرب لا تسمع بالبسط على أرضية أو على مرفق عام أو صراع مسلح بين فصائل، في مأرب يتوفر البنزين بسعر مخفض في محطات معينة وفرتها السلطة المحلية.
هذه هي مأرب التي كانت تزحف عليها رمال الربع الخالي فأصبحت تزحف هي على الربع الخالي !
هذه هي مأرب التي يحكمها (الإصلاح) وفق قولكم، فتعالوا بنا إلى ثغر اليمن الباسم مدينة (عدن) والتي تداعبها مياه البحر العربي صباح مساء، فقد استلمها (الانتقالي) وهي مدينة متوفر فيها البنية التحتية، مدينة تمتلك ميناء من أهم موانئ العالم، وتمتلك مطارا ومصافي تكرير للبترول، وتمتلك شوارع فارهة ومعبدة، ماذا فعل الانتقالي الذي انفرد بحكم عدن؟
لقد دُمر الميناء وجعل دخله في حساب خاص له، مثله مثل بقية المرافق الإيرادية، تعطيل المطار بين فترة وأخرى، تعطيل محطة الكهرباء رغم أن ما يصرف باسمها شهريا من الحكومة من ملايين الدولارات كفيل بتحسين وضع الريال لو أنه أودع في البنك المركزي.
حكم عدن بنفس مناطقي بغيض فقد أخرج أبناء المناطق الشمالية فوق بوابير، والاستيلاء على ممتلكات البعض منهم وقتل العديد منهم في الطرقات، وبعدها اخرج منها وبالقوة كل المسؤولين من مدنيين وعسكريين من أبناء أبين وشبوة وحضرموت والمهرة، كهرباء شبه معدومة، الماء شبه معدوم، صراع مسلح على الأراضي، وصراع مسلح على الجبايات، البسط على أرضي الدولة، وعلى أراضي المرافق الحكومية، قتل ما يقرب من أربعين أمام جامع وداعية. وغيرهم.
ولو كان للفساد رائحة ما استطاع أحدا العيش في عدن، لقد حول أصحاب (القرية) عدن إلى (عرن) من مدينة يشار إليها بـ"البنان" إلى قرية تنعق فيها الغربان.
سبع سنوات دمرتم فيها كل شيء ولم تصلحوا حتى شارع، ما عداء المولاة والمطاعم التابعة لكم، فلو كنت مكانكم لتواريت حياء وخجلا، وما تكلمت عن مأرب وحرضت عليها، فهناك فرق بين رجال الدولة وعيال القرية، المناطقية لا تبني مدينة فما بالك ببناء دولة.
