في العاشر من محرم من العام الواحد والستين للهجرة، استشهد الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه وعن أبيه- واستشهد معه عدد من أبنائه وأقربائه وأنصاره، بعد مواجهة غير متكافئة بينه وبين الجيش التابع ليزيد ابن معاوية، وكان ذلك في معركة الطف بمنطقة كربلاء من أرض العراق.
وبعد ثلاثة قرون من تلك الواقعة، وتحديدا بعد أن سيطر البويهيون على بغداد، والذي يرجع نسبهم إلى ملوك الساسانية، الذين حكموا بلاد فارس قبل الإسلام، بعد أن سيطروا على بغداد أمروا بإقامة مجالس عزاء علنية ونواح على الحسين -رضي الله عنه- في ذكرى استشهاده.
وقد توارث الشيعة (الإمامية) هذه الطقوس إلى يومنا هذا مصحوبة بأشياء بدعية وضلالية.
والمتتبع لهذه المراسيم ومجالس العزاء، يجد أنها لم تكتفِ بالنيل من يزيد بن معاوية بل تعدت ذلك إلى النيل من الخلفاء الثلاثة (أبو بكر وعمر وعثمان) رضي الله عنهم جميعا. في مجالس العزاء التي يقيمونها ويشرحون فيها كيف استشهد الحسين رضي الله عنه ويذكرون أسماء من استشهد معه من أبنائه وأقربائه، ولكنهم لا يتطرقون إلى ذكر (أبو بكر وعمر وعثمان) أبناء علي بن أبي طالب، والذين استشهدوا إلى جانب أخيهم الحسين في كربلاء.
فهم مثلا يلطمون الخدود ويشقون الجيوب على استشهاد عبد الله الأصغر بن علي بن أبي طالب في كربلاء، ولا يذكرون شقيقه أبا بكر بن علي الذي استشهد معه في نفس اليوم ونفس المعركة وأمهما الاثنان هي (ليلى بنت مسعود الدرامية).
وينوحون كذلك في مجالسهم على استشهاد العباس بن علي بن أبي طالب وشقيقه جعفر ابن علي ولكنهم لا يتطرقون إلى اسم شقيقهما الثالث عثمان بن علي بن أبي طالب والذي استشهد معهم في نفس المعركة وأمهم جميعا هي (أم البنين بنت حزام الكلابية).
وبالطبع لا يذكرون اسم عمر الأصغر ابن علي بن أبي طالب والذي استشهد في كربلاء وأمه هي (الصهباء التغلبية )، ولا يذكرون كذلك اسم أبا بكر ابن الحسن ابن علي ابن أبي طالب، الذي استشهد إلى جانب عمه الحسين في كربلاء وأمه هي (رملة أم إسحاق)!
ولك أن تتساءل عزيزي القارئ لماذا يحجم رجال الشيعة (الإمامية) في مجالسهم وإعلامهم عن ذكر تلك الأسماء في يوم عاشوراء، رغم أنها مثبتة في كتبهم ومراجعهم المعتبرة عند ذكر شهداء كربلاء كما هو الحال في كتب السنة؟ الجواب من وجهة نظري هو أنه قد تم تعبئة العقل الشيعي الإمامي على وجه الخصوص على مدى قرون أن أبو بكر وعمر وعثمان وهم الخلفاء الثلاثة كانوا في الواقع أعداء لعلي ابن أبي طالب وأنهم قد فعلوا وفعلوا، وبالتالي لو تم التطرق إلى ذكر تلك الشخصيات التي تحمل نفس الأسماء من الذين استشهدوا مع الحسين في كربلاء، حينها سيتساءل العامة من الشيعة، وهم الذين يعتمدون في أخذ المعلومة على ما يقوله دعاة الشيعة في الحوزات ومجالس العزاء وغيرها لا على ما تقوله كتبهم القديمة، سيتساءلون ويقولون كيف للإمام علي إن يسمي أبنائه بأسماء أعدائه كما صورهم لنا مرجعياتنا ودعاتنا؟ ومن المعلوم أن الآباء في الغالب تختار أسماء شخصيات محببة إليها ومعجبة بها لأي سبب كان فتسمي بها أبناءها.
فمثلا نجد أنه في ستينيات القرن الماضي أثناء موجة المد القومي ومحاربة الاستعمار التي رفع شعارها الزعيم المصري جمال عبد الناصر قد أطلق الكثير من العرب على أولادهم اسم جمال، إعجابا بجمال عبد الناصر، وكذلك فعلوا مع اسم فيصل، إعجابا بفيصل بن عبد العزيز بعد قطعه النفط عن الغرب بعد معركة 6 أكتوبر 1973م مع العدو الصهيوني، وهو الحال كذلك مع اسم صدام وغيرهم من الرموز العربية في العصر الحالي، وكذلك أسماء لرموز إسلامية في صدر الإسلام، لا زالت تطلق إلى الآن بعد أكثر من ألف وأربعمائة عام على وجودها، وهي على سبيل المثال لا الحصر أسماء الخلفاء الأربعة، واسم حسن وحسين وخالد ومعاذ ومصعب وطارق وغيرهم، وفي مقدمة كل الأسماء قديما وحديثا هو اسم سيدنا وحبيبنا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
لذلك نجد أن الخليفة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قد أطلق اسم جعفر على أحد أبنائه حبا بأخيه جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- والذي استشهد في معركة مؤتة. كما أطلق على آخر اسم العباس حبا بعمه العباس بن عبد المطلب. وكذلك فعل مع أبو بكر وعمر وعثمان أليس ذلك دليلا على حبه لهم؟ فهل يعقل أن يسمي الإنسان أبناءه بأسماء من اغتصبوا حقه واعتدوا على زوجته كما يقول الشيعة الأثنا عشرية عن الخلفاء الثلاثة؟
رحم الله الشهيد الحسين بن علي ورحم الله كل شهداء كربلاء الذين كانوا معه... قاتل الله قاتل الحسين ومن رضي ويرضى بقتله وقاتل الله من يستثمر مقتل الحسين لشق وتفريق أمة محمد صل الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.