عندما تم اُخراج الشهيد البطل (جمال جميل) القائد العسكري لثورة 1948م إلى ساحة الإعدام بميدان (شرارة) التحرير حاليا، في العاصمة صنعاء، صبيحة 17 رمضان 1949م، اخرجوا معه طلابه من العسكريين ليشاهدوا لحظة إعدام قائدهم ومعلمهم فينزرع الخوف والرعب في قلوبهم فلا يفكرون بالتغيير أبدا...
لكن القائد جمال جميل، وبعد أن فرغ من التوقيع على وصيته، أراد أن يلقي على تلاميذه آخر دروسه الوطنية قبل أن يمر السيف على عنقه، وحيث إنه لم يعد هناك متسع من الوقت فقد اختصر الدرس إلى عبارة مختصرة لكنه أطلقها سهما مضيئا يخترق ظلمات المجهول وحجب الغيب ويطوي فيافي الزمن وأستار التاريخ ويدوي في آذاننا وضمائرنا في كل وقت كما يدوي جرس الإنذار ونداء الخطر.
لقد التفت القائد مبتسما إلى تلاميذه وهم ينظرون إليه بحزن وانكسار، التفت إليهم قائلا ومبشرا ((لا تبتئسون يا أبنائي لقد حبلناها وستلد))!
كانت هذه آخر عبارة قالها قبل نطق الشهادتين.
يا لها من بشارة (لقد حبلناها وستلد) لقد خاطب تلاميذه وخاطب من خلالهم أبناء اليمن بالكامل وخاطب التاريخ قائلا للجميع إن المولود في الطريق لا محالة.
لقد استمر هذا الحمل ثلاث عشرة سنة منذ رحيل القائد جمال جميل حتى كانت أعظم ولادة وطنية عام 1962م، وأنجبت أعظم مولود في تاريخ اليمن الحديث اسمه (26 سبتمبر).
رحم الله جمال جميل وسلام عليك يا يوم 26 سبتمبر يا أعظم أيامنا الوطنية.