الكلمة التي ألقاها الأخ رئيس مجلس القيادة الدكتور رشاد العليمي، في الدورة الاعتيادية السنوية للأمم المتحدة يوم الخميس ٢١ سبتمبر ٢٠٢٣. كانت من القوة في الموقف، والوضوح في الرؤية، بما يكفي للرد على كل ما أثير من تكهنات، وإشاعات، وتسريبات، ومخاوف بشأن التطورات في المشهد السياسي اليمني منذ أن توجه وفد المليشيات الحوثية إلى الرياض استجابة لدعوة المملكة لمواصلة المشاورات بشأن إنهاء الحرب وتحقيق عملية السلام.
لقد حسمت الكلمة الموقف الوطني اليمني من عملية السلام بذلك المنطلق الذي يضع الوطن في مواجهة المشروع السياسي الطائفي الكهنوتي الذي يراد إعادة إنتاجه بعناوين مراوغة ومخادعة، وإنهاء الحرب بإنهاء أسبابها المتمثلة في الانقلاب الدموي للمليشيات الإيرانية التي اقتحمت مسار العملية السياسية التاريخية والتوافق العام الذي عبر عنه الحوار الوطني الشامل بين أطراف القوى السياسية والاجتماعية.
مثلت الكلمة منهجا للتعاطي مع الواقع المعقد والصعب الذي يمر به اليمن في اللحظة الراهنة، وقدمت مفهوما للسلام دللت فيه بوضوح على أن السلام الحقيقي إنما يرتبط ارتباطا وثيقا بإنهاء الانقلاب والتمسك بخيار الجمهورية والمواطنة والديمقراطية وحق الناس في تقرير خياراتهم السياسية، وهي القضايا التي تم التعبير عنها في المرجعيات الثلاث بوضوح لا يقبل أي تفسير مغاير لذلك.
لقد رسمت الكلمة هذا المنهج بوضوح ومن منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسجلت بذلك رافعة تاريخية للنضال الوطني وتضحياته الجسيمة باعتباره ميراث الحركة الوطنية اليمنية، وتضحياتها العظيمة التي لا يمكن المناورة أو المساومة بها.
إن هذه الكلمة لا بد من أن يكون لها ما بعدها من جهد وعمل على أرض الواقع من قبل كل القوى السياسية والاجتماعية والحكومية والمدنية وعلى رأسها مجلس القيادة في خلق منظومة سياسية وشعبية وأمنية قادرة على أن تجسد هذا الموقف عمليا، متجاوزين ثغرات وتحديات وحسابات المرحلة الماضية، خاصة وأن المنهج الذي حددته الكلمة في التعاطي مع قضية السلام هو المنهج الذي يؤمن إخراج اليمن من مأزق الانقلابات والحروب والتغلب إلى المسار الذي يحقق الاستقرار والبناء الاقتصادي والاجتماعي.
هذه لحظة تاريخية ونحن نستقبل ذكرى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ١٩٦٢، لا يجب أن نكتفي فيها بالتعبير النظري الصح عن رؤيتنا للحل، وإنما بالعمل المعبر عن قناعة لا يشوبها أي التباس بأننا جادون على السير في هذا الطريق حتى النهاية.
"وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".